فصل: فَصْلُ: (الأضحية)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***


فَصْلٌ‏:‏ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ

‏(‏مَنْ أَرَادَ الْعُمْرَةَ وَهُوَ بِالْحَرَمِ‏)‏ مَكِّيًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ‏(‏خَرَجَ فَأَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ‏)‏ وُجُوبًا لِأَنَّهُ مِيقَاتُهُ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَتَقَدَّمَ ‏(‏وَالْأَفْضَلُ إحْرَامُهُ مِنْ التَّنْعِيمِ‏)‏ لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ‏"‏ أَنْ يُعْمِرَ عَائِشَةَ مِنْ التَّنْعِيمِ ‏"‏ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ ‏"‏ بَلَغَنِي ‏{‏أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ مَكَّةَ التَّنْعِيمَ‏}‏ ‏(‏فَ‏)‏ يَلِي التَّنْعِيمَ ‏(‏الْجِعْرَانَةُ‏)‏ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَقَدْ تُكْسَرُ الْعَيْنُ وَتُشَدَّدُ الرَّاءُ‏:‏ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ، سُمِّيَ بِرَيْطَةَ بِنْتِ سَعْدٍ وَكَانَتْ تُلَقَّبُ بِالْجِعْرَانَةِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ‏:‏ وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا‏}‏ ‏(‏فَالْحُدَيْبِيَةُ‏)‏ مُصَغَّرَةٌ وَقَدْ تُشَدَّدُ‏:‏ بِئْرٌ قُرْبَ مَكَّةَ أَوْ شَجَرَةٌ حَدْبَاءُ كَانَتْ هُنَاكَ ‏(‏فَمَا بَعُدَ‏)‏ عَنْ مَكَّةَ وَعَنْ أَحْمَدَ فِي الْمَكِّيِّ‏:‏ كُلَّمَا تَبَاعَدَ فِي الْعُمْرَةِ فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ ‏(‏وَحَرُمَ‏)‏ إحْرَامٌ بِعُمْرَةٍ ‏(‏مِنْ الْحَرَمِ‏)‏ لِتَرْكِهِ مِيقَاتَهُ ‏(‏وَيَنْعَقِدُ‏)‏ إحْرَامُهُ ‏(‏وَعَلَيْهِ دَمٌ‏)‏ كَمَنْ تَجَاوَزَ مِيقَاتَهُ بِلَا إحْرَامٍ ثُمَّ أَحْرَمَ ‏(‏ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى لِعُمْرَتِهِ وَلَا يَحِلُّ مِنْهَا حَتَّى يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ‏)‏ فَهُوَ نُسُكٌ فِيهَا كَالْحَجِّ ‏(‏وَلَا بَأْسَ بِهَا‏)‏ أَيْ الْعُمْرَةِ ‏(‏فِي السَّنَةِ مِرَارًا‏)‏ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَعَائِشَةَ وَاعْتَمَرَتْ عَائِشَةُ فِي شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ عُمْرَةٌ مَعَ قِرَانِهَا وَعُمْرَةٌ بَعْدَ حَجِّهَا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏{‏الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ‏(‏وَ‏)‏ الْعُمْرَةُ ‏(‏فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْضَلُ نَصًّا وَكُرِهَ إكْثَارٌ مِنْهَا‏)‏ أَيْ الْعُمْرَةِ وَالْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ‏:‏ بِاتِّفَاقِ السَّلَفِ ‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ الْإِكْثَارُ مِنْهَا ‏(‏بِرَمَضَانَ أَفْضَلُ‏)‏ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا ‏{‏عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حِجَّةً‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ‏(‏فَائِدَةٌ‏)‏ قَالَ أَنَسٌ ‏{‏حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِجَّةً وَاحِدَةً وَاعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَ، وَاحِدَةً فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ، وَعُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ إذْ قَسَّمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٌ‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ‏(‏وَلَا يُكْرَهُ إحْرَامٌ بِهَا‏)‏ أَيْ الْعُمْرَةِ ‏(‏يَوْمَ عَرَفَةَ وَلَا يَوْمَ النَّحْرِ وَلَا أَيَّامَ التَّشْرِيقِ‏)‏ لِعَدَمِ نَهْيٍ خَاصٍّ عَنْهُ ‏(‏وَتُجْزِئُ عُمْرَةُ الْقَارِنِ‏)‏ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ ‏(‏وَ‏)‏ تُجْزِئُ عُمْرَةٌ ‏(‏مِنْ التَّنْعِيمِ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ‏)‏ لِحَدِيثِ ‏{‏عَائِشَةَ حِينَ قَرَنَتْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَلَّتْ مِنْهُمَا قَدْ حَلَلْت مِنْ حَجِّك وَعُمْرَتِك‏}‏ وَإِنَّمَا أَعْمَرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ قَصْدًا لِتَطْيِيبِ خَاطِرِهَا، وَإِجَابَةِ مَسْأَلَتِهَا‏.‏

فَصْلٌ‏:‏ أَرْكَانُ الْحَجِّ أَرْبَعَةٌ

‏(‏الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ‏)‏ لِحَدِيثِ ‏{‏الْحَجُّ عَرَفَةَ‏}‏ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُخْتَصَرًا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ الثَّانِي ‏(‏طَوَافُ الزِّيَارَةِ‏)‏ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ‏}‏ ‏(‏فَلَوْ تَرَكَهُ‏)‏ أَيْ طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَأَتَى بِغَيْرِهِ مِنْ فَرَائِضِ الْحَجِّ وَبَعُدَ عَنْ مَكَّةَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ ‏(‏رَجَعَ‏)‏ إلَى مَكَّةَ ‏(‏مُعْتَمِرًا‏)‏ فَأَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ ثُمَّ يَطُوفُ لِلزِّيَارَةِ فَإِنْ وَطِئَ أَحْرَمَ مِنْ التَّنْعِيمِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلَيْهِ دَمٌ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ الثَّالِثُ ‏(‏الْإِحْرَامُ‏)‏ بِالْحَجِّ لِأَنَّهُ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ بِدُونِهَا لِحَدِيثِ ‏{‏إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ‏}‏ كَبَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ لَكِنَّ قِيَاسَهَا أَنَّهُ شَرْطٌ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ الرَّابِعُ ‏(‏السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ‏)‏ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ ‏{‏طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَافَ الْمُسْلِمُونَ، يَعْنِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَكَانَتْ سُنَّةً فَلَعَمْرِي مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ‏}‏ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِحَدِيثِ ‏{‏اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ‏}‏ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ‏(‏وَوَاجِبَاتُهُ‏)‏ أَيْ الْحَجِّ ثَمَانِيَةٌ ‏(‏الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَوَاقِيتِ ‏(‏وَ‏)‏ الثَّانِي ‏(‏وُقُوفُ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ نَهَارًا إلَى الْغُرُوبِ‏)‏ لِلشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَلَوْ غَلَبَهُ نَوْمٌ بِعَرَفَةَ وَتَقَدَّمَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ الثَّالِثُ ‏(‏الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ إلَى بَعْدِ نِصْفِ اللَّيْلِ إنْ وَافَاهَا‏)‏ أَيْ مُزْدَلِفَةَ ‏(‏قَبْلَهُ‏)‏ أَيْ نِصْفِ اللَّيْلِ وَتَقَدَّمَ مُوَضَّحًا ‏(‏وَ‏)‏ الرَّابِعُ ‏(‏الْمَبِيتُ بِمِنًى‏)‏ لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرِهِ بِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ الْخَامِسُ ‏(‏الرَّمْيُ‏)‏ لِلْجِمَارِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مُفَصَّلًا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ السَّادِسُ ‏(‏تَرْتِيبُهُ‏)‏ أَيْ رَمْيُ الْجِمَارِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ السَّابِعُ ‏(‏الْحِلَاقُ أَوْ التَّقْصِيرُ وَ‏)‏ الثَّامِنُ ‏(‏طَوَافُ الْوَدَاعِ وَهُوَ الصَّدْرُ‏)‏ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَتَقَدَّمَ وَقَدَّمَ الزَّرْكَشِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الْإِقْنَاعِ‏:‏ أَنَّ طَوَافَ الصَّدْرِ هُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ‏:‏ لَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْحَاجِّ‏.‏

قَالَ الْآجُرِّيُّ‏:‏ وَيَطُوفُ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنًى أَوْ مِنْ نَفْرٍ آخَرَ ‏(‏وَأَرْكَانُ الْعُمْرَةِ‏)‏ ثَلَاثَةٌ ‏(‏إحْرَامٌ‏)‏ بِهَا لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ ‏(‏وَ‏)‏ الثَّانِي ‏(‏طَوَافٌ وَ‏)‏ الثَّالِثُ ‏(‏سَعْيٌ‏)‏ كَالْحَجِّ ‏(‏وَوَاجِبُهَا‏)‏ أَيْ الْعُمْرَةِ ‏(‏إحْرَامٌ مِنْ الْمِيقَاتِ‏)‏ أَوْ الْحِلِّ ‏(‏وَحَلْقٌ أَوْ تَقْصِيرٌ‏)‏ كَالْحَجِّ ‏(‏فَمَنْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ لَمْ يَنْعَقِدْ نُسُكُهُ‏)‏ حَجًّا كَانَ أَوْ عُمْرَةً لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏وَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا غَيْرَهُ‏)‏ أَيْ الْإِحْرَامِ لَمْ يَتِمَّ نُسُكُهُ إلَّا بِهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ تَرَكَ ‏(‏نِيَّتَهُ‏)‏ أَيْ الرُّكْنِ غَيْرِ الْإِحْرَامِ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ هُوَ نَفْسُ النِّيَّةِ وَغَيْرُ الْوُقُوفِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِقِيَامِ الْإِحْرَامِ عَنْهَا ‏(‏لَمْ يَتِمَّ نُسُكُهُ إلَّا بِهِ‏)‏ فَمَنْ طَافَ أَوْ سَعَى بِلَا نِيَّةٍ أَعَادَهُ بِنِيَّةٍ لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏وَمَنْ تَرَكَ وَاجِبًا‏)‏ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا أَوْ لِعُذْرٍ ‏(‏فَعَلَيْهِ دَمٌ‏)‏ بِتَرْكِهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَتَقَدَّمَ وَإِذَا عَدِمَهُ‏)‏ أَيْ الدَّمَ ‏(‏فَكَصَوْمِ مُتْعَةٍ‏)‏ يَصُومُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ وَتَقَدَّمَ فِي الْفِدْيَةِ ‏(‏وَالْمَسْنُونُ‏)‏ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَأَقْوَالِهِ ‏(‏كَالْمَبِيتِ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَطَوَافِ الْقُدُومِ، وَالرَّمَلِ، وَالِاضْطِبَاعِ‏)‏ فِي مَوْضِعِهِمَا ‏(‏وَنَحْوِ ذَلِكَ‏)‏ كَاسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ وَتَقْبِيلِ الْحَجَرِ وَالْخُرُوجِ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا، وَصُعُودِهِ عَلَيْهَا وَعَلَى الْمَرْوَةِ، وَالْمَشْيِ وَالسَّعْيِ فِي مَوَاضِعِهِمَا، وَالتَّلْبِيَةِ وَالْخُطْبَةِ، وَالْأَذْكَارِ وَالدُّعَاءِ فِي مُوَاضِعِهِمَا، وَالِاغْتِسَالِ فِي مَوَاضِعِهِ وَالتَّطَيُّبِ فِي بَدَنِهِ، وَصَلَاتِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَصَلَاتِهِ عَقِبَ الطَّوَافِ، وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ حَالَ رَمْيِ الْجِمَارِ ‏(‏لَا شَيْءَ فِي تَرْكِهِ‏)‏ وَاجِبٌ وَلَا مَسْنُونٌ‏.‏

تَتِمَّةٌ‏:‏

يُعْتَبَرُ فِي أَمِيرِ الْحَجِّ‏:‏ أَنْ يَكُونَ مُطَاعًا ذَا رَأْيٍ وَشَجَاعَةٍ وَهِدَايَةٍ وَعَلَيْهِ جَمْعُهُمْ وَتَرْتِيبُهُمْ وَحِرَاسَتُهُمْ فِي الْمَسِيرِ وَالنُّزُولِ، وَالرِّفْقُ بِهِمْ وَالنُّصْحُ وَيَلْزَمُهُمْ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ وَيُصْلِحُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَلَا يَحْكُمُ إلَّا أَنْ يُفَوَّضَ إلَيْهِ فَتُعْتَبَرُ أَهْلِيَّتُهُ لَهُ وَشَهْرُ السِّلَاحِ عِنْدَ قُدُومِ تَبُوكَ بِدْعَةٌ وَكَذَا إيقَادُ الشُّمُوعِ بِكَثْرَةٍ عِنْدَ جَبَلٍ يُعْرَفُ بِجَبَلِ الزِّينَةِ بِبَدْرٍ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏:‏ وَمَا يَذْكُرُهُ الْجُهَّالُ مِنْ حِصَارِ تَبُوكَ كَذِبٌ فَلَمْ يَكُنْ بِهَا حِصْنٌ وَلَا مُقَاتِلَةٌ‏.‏

بَابُ‏:‏ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

‏(‏الْفَوَاتُ‏)‏ مَصْدَرُ فَاتَ يَفُوتُ كَالْفَوْتِ وَهُوَ ‏(‏سَبْقٌ لَا يُدْرَكُ‏)‏ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ السَّبْقِ ‏(‏وَالْإِحْصَارُ‏)‏ مَصْدَرُ أَحَصَرَهُ إذَا حَبَسَهُ فَهُوَ ‏(‏الْحَبْسُ‏)‏ وَأَصْلُ الْحَصْرِ‏:‏ الْمَنْعُ ‏(‏مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ فَجْرُ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ‏)‏ فِي وَقْتِهِ ‏(‏لِعُذْرٍ‏)‏ مِنْ ‏(‏حَصْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَا‏)‏ لِعُذْرٍ ‏(‏فَاتَهُ الْحَجُّ‏)‏ ذَلِكَ الْعَامَ ‏{‏لِقَوْلِ جَابِرٍ لَا يَفُوتُ الْحَجُّ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ‏.‏

قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ‏:‏ فَقُلْت لَهُ أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏}‏ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَلِحَدِيثِ ‏{‏الْحَجُّ عَرَفَةَ فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ‏}‏ فَمَفْهُومُهُ فَوْتُ الْحَجِّ بِخُرُوجِ لَيْلَةِ جَمْعٍ وَسَقَطَ عَنْهُ تَوَابِعُ الْوُقُوفِ، كَمَبِيتٍ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَرَمْيِ جِمَارٍ ‏(‏وَانْقَلَبَ إحْرَامُهُ‏)‏ بِالْحَجِّ ‏(‏إنْ لَمْ يَخْتَرْ الْبَقَاءَ عَلَيْهِ‏)‏ أَيْ الْإِمَامُ ‏(‏لِيَحُجَّ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ‏)‏ بِذَلِكَ الْإِحْرَامِ ‏(‏عُمْرَةً‏)‏ قَارِنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِأَنَّ عُمْرَةَ الْقَارِنِ لَا يَلْزَمُهُ أَفْعَالُهَا وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ عُمْرَةٍ عَلَى عُمْرَةٍ إذَا لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ‏(‏وَلَا تُجْزِئُ‏)‏ هَذِهِ الْعُمْرَةُ الْمُنْقَلِبَةُ ‏(‏عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ‏)‏ نَصًّا لِحَدِيثِ ‏{‏وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى‏}‏ وَهَذِهِ لَمْ يَنْوِهَا وَلِوُجُوبِهَا ‏(‏كَ‏)‏ عُمْرَةٍ ‏(‏مَنْذُورَةٍ وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ حَتَّى النَّفْلِ‏)‏ ‏(‏وَعَلَى مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَوَّلًا‏)‏ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ فِي ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ ‏"‏ وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَمَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي ‏(‏قَضَاءُ‏)‏ حَجٍّ فَاتَهُ ‏(‏حَتَّى النَّفْلِ‏)‏ لِقَوْلِ عُمَرَ لِأَبِي أَيُّوبَ لَمَّا فَاتَهُ الْحَجُّ اصْنَعْ مَا يَصْنَعُ الْمُعْتَمِرُ ثُمَّ قَدْ حَلَلْت، فَإِنْ أَدْرَكْت قَابِلًا فَحُجَّ وَأَهْدِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْهَدْيِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ عَطَاءٍ مَرْفُوعًا نَحْوُهُ‏.‏

وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا ‏{‏مَنْ فَاتَهُ عَرَفَاتُ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَلْيَتَحَلَّلْ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ‏}‏ وَعُمُومُهُ شَامِلٌ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَالْحَجُّ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، فَيَصِيرُ كَالْمَنْذُورِ، بِخِلَافِ سَائِرِ التَّطَوُّعَاتِ وَأَمَّا حَدِيثُ ‏{‏الْحَجُّ مَرَّةً‏}‏ فَالْمُرَادُ الْوَاجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ وَالْمُحْصَرُ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إلَى تَفْرِيطٍ، بِخِلَافِ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَإِذَا حَلَّ الْقَارِنُ لِلْفَوَاتِ فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا أَهَلَّ بِهِ مِنْ قَابِلٍ نَصًّا ‏(‏وَ‏)‏ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَوَّلًا ‏(‏هَدْيٌ مِنْ الْفَوَاتِ يُؤَخَّرُ لِلْقَضَاءِ‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّهُ حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ قَبْلَ تَمَامِهِ فَأَشْبَهَ الْمُحْصَرَ وَسَوَاءٌ كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ أَمْ لَا نَصًّا فَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ أَوَّلًا لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ نَفْلٍ وَلَا هَدْيٌ لِحَدِيثِ ضُبَاعَةَ وَتَقَدَّمَ فِي الْإِحْرَامِ وَإِذَا عَدِمَهُ‏)‏ أَيْ الْهَدْيَ ‏(‏زَمَنَ الْوُجُوبِ‏)‏ وَهُوَ طُلُوعُ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ عَامِ الْفَوَاتِ ‏(‏صَامَ كَمُتَمَتِّعٍ‏)‏ لِخَبَرِ الْأَثْرَمِ ‏"‏ أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ حَجَّ مِنْ الشَّامِ فَقَدِمَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ‏:‏ مَا حَبَسَك‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ حَسِبْت أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ قَالَ‏:‏ فَانْطَلِقْ إلَى الْبَيْتِ فَطُفْ بِهِ سَبْعًا وَإِنْ كَانَ مَعَك هَدِيَّةٌ فَانْحَرْهَا ثُمَّ إذَا كَانَ قَابِلٌ فَاحْجُجْ فَإِنْ وَجَدْت سَعَةً فَأَهْدِ ‏"‏ وَمُفْرِدٌ وَقَارِنٌ مَكِّيٌّ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ‏(‏وَإِنْ وَقَفَ الْكُلُّ‏)‏ أَيْ كُلُّ الْحَجِيجِ الثَّامِنَ وَالْعَاشِرَ خَطَأً أَجْزَأَهُمْ ‏(‏أَوْ‏)‏ وَقَفَ الْحَجِيجُ ‏(‏إلَّا يَسِيرًا‏:‏ الثَّامِنَ أَوْ الْعَاشِرَ‏)‏ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ‏(‏خَطَأً أَجْزَأَهُمْ‏)‏ نَصًّا فِيهِمَا لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَابِرِ بْنِ أَسِيدٍ مَرْفُوعًا ‏{‏يَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِي يُعْرَفُ النَّاسُ فِيهِ‏}‏ وَلَهُ وَلِغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ‏{‏فِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ‏}‏ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا قِيلَ بِالْقَضَاءِ وَظَاهِرُهُ‏:‏ سَوَاءٌ أَخْطَئُوا لِغَلَطٍ فِي الْعَدَدِ أَوْ الرُّؤْيَةِ أَوْ الِاجْتِهَادِ فِي الْغَيْمِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ‏:‏ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَخْطَأَ دُونَ الْأَكْثَرِ فَاتَهُمْ الْحَجُّ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقِفُوا فِي وَقْتِهِ وَأَمَّا الْأَكْثَرُ فَقَدْ أُلْحِقَ بِالْكُلِّ فِي مَوَاضِعَ فَكَذَا هُنَا عَلَى ظَاهِرِ الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَفِي الْمُقْنِعِ‏:‏ وَإِنْ أَخْطَأَ بَعْضُهُمْ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ‏:‏ هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِي التَّنْقِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ وَالْوُقُوفُ مَرَّتَيْنِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏:‏ بِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ‏.‏

وَفِي الْفُرُوعِ‏:‏ يَتَوَجَّهُ وُقُوفُ مَرَّتَيْنِ إنْ وَقَفَ بَعْضُهُمْ لَا سِيمَا مَنْ رَآهُ ‏(‏وَمَنْ مُنِعَ الْبَيْتَ‏)‏ أَيْ الْوُصُولَ لِلْحَرَمِ بِالْبَلَدِ أَوْ الطُّرُقِ فَلَمْ يُمْكِنُهُ بِوَجْهٍ وَلَوْ بَعِيدًا ‏(‏وَلَوْ‏)‏ كَانَ مَنْعُهُ ‏(‏بَعْدَ الْوُقُوفِ‏)‏ بِعَرَفَةَ كَمَا قَبْلَهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ كَانَ الْمَنْعُ ‏(‏فِي‏)‏ إحْرَامِ ‏(‏عُمْرَةٍ ذَبَحَ هَدْيًا بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ وُجُوبًا‏)‏ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ‏}‏ ‏{‏وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ حِينَ أُحْصِرُوا فِي الْحُدَيْبِيَةِ أَنْ يَنْحَرُوا وَيَحْلِقُوا وَيَحِلُّوا‏}‏ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَصْرُ عَامًّا لِلْحَاجِّ أَوْ خَاصًّا، كَمَنْ حُبِسَ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ أَخَذَهُ نَحْوُ لِصٍّ لِعُمُومِ النَّصِّ وَوُجُودِ الْمَعْنَى وَمَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ يُمْكِنُهُ أَدَاؤُهُ فَلَيْسَ بِمَعْذُورٍ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ‏)‏ هَدْيًا ‏(‏صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ بِالنِّيَّةِ‏)‏ أَيْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ قِيَاسًا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ ‏(‏وَحَلَّ‏)‏ نَصًّا وَظَاهِرُهُ‏:‏ أَنَّ الْحَلْقَ أَوْ التَّقْصِيرَ غَيْرُ وَاجِبٍ هُنَا، وَأَنَّ التَّحَلُّلَ يَحْصُلُ بِدُونِهِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْوُقُوفِ كَالرَّمْيِ وَقَدَّمَ الْوُجُوبَ فِي الرِّعَايَةِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ فِي الْإِقْنَاعِ ‏(‏وَلَا إطْعَامَ فِيهِ‏)‏ أَيْ الْإِحْصَارِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ ‏(‏وَلَوْ نَوَى‏)‏ الْمُحْصَرُ ‏(‏التَّحَلُّلَ قَبْلَ أَحَدِهِمَا‏)‏ أَيْ ذَبَحَ الْهَدْيَ إنْ وَجَدَهُ، وَالصَّوْمَ إنْ عَدَمَهُ ‏(‏لَمْ يَحِلَّ‏)‏ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَهُوَ الذَّبْحُ أَوْ الصَّوْمُ بِالنِّيَّةِ وَاعْتُبِرَتْ النِّيَّةُ فِي الْمُبْصِرِ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّ مَنْ أَتَى بِأَفْعَالِ النُّسُكِ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ فَحَلَّ بِإِكْمَالِهِ، فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ، بِخِلَافِ الْمُحْصَرِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْ الْعِبَادَةِ قَبْلَ إكْمَالِهَا فَافْتَقَرَ إلَى نِيَّةٍ ‏(‏وَلَزِمَهُ‏)‏ أَيْ مَنْ تَحَلَّلَ قَبْلَ الذَّبْحِ وَالصَّوْمِ ‏(‏دَمٌ لِتَحَلُّلِهِ‏)‏ صَحَّحَهُ‏:‏ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ هُنَا‏:‏ إنَّهُ الْمَذْهَبُ

وَجَزَمَ فِي شَرْحِهِ فِيمَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِرَفْضِهِ الْإِحْرَامَ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ نِيَّةٍ فَلَا يُؤَثِّرُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي وَالشَّرْحُ ‏(‏وَ‏)‏ لَزِمَهُ دَمٌ ‏(‏لِكُلِّ مَحْظُورٍ بَعْدَهُ‏)‏ أَيْ التَّحَلُّلِ ‏(‏وَيُبَاحُ تَحَلُّلٌ‏)‏ مِنْ إحْرَامٍ ‏(‏لِحَاجَةٍ إلَى قِتَالٍ، أَوْ‏)‏ إلَى ‏(‏بَذْلِ مَالٍ‏)‏ كَثِيرٍ مُطْلَقًا أَوْ يَسِيرٍ لِكَافِرٍ ‏(‏لَا‏)‏ لِحَاجَةِ بَذْلِ مَالٍ ‏(‏يَسِيرٍ لِمُسْلِمٍ‏)‏ لِأَنَّ ضَرَرَهُ يَسِيرٌ وَيُسْتَحَبُّ الْقِتَالُ مَعَ كُفْرِ الْعَدُوِّ إنْ قَوِيَ الْمُسْلِمُونَ، وَإِلَّا فَتَرْكُهُ أَوْلَى ‏(‏وَلَا قَضَاءَ عَلَى مَنْ‏)‏ أَيْ مُحْصَرٍ ‏(‏تَحَلَّلَ قَبْلَ فَوْتِ الْحَجِّ‏)‏ لِظَاهِرِ الْآيَةِ لَكِنْ إنْ أَمْكَنَهُ فِعْلُ الْحَجِّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ لَزِمَهُ ‏(‏وَمِثْلُهُ‏)‏ أَيْ الْمُحْصَرِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ ‏(‏مَنْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ‏)‏ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَعَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَحَلَّلْ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ ‏(‏وَمَنْ حُصِرَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَقَطْ‏)‏ بِأَنْ رَمَى وَحَلَقَ بَعْدَ وُقُوفِهِ ‏(‏لَمْ يَتَحَلَّلْ حَتَّى يَطُوفَ‏)‏ لِلْإِفَاضَةِ وَيَسْعَى إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى وَكَذَا لَوْ حُصِرَ عَنْ السَّعْيِ فَقَطْ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالتَّحَلُّلِ مِنْ إحْرَامٍ تَامٍّ يُحَرِّمُ جَمِيعَ الْمَحْظُورَاتِ وَهَذَا يُحَرِّمُ النِّسَاءَ خَاصَّةً فَلَا يُلْحَقُ بِهِ وَمَتَى زَالَ الْحَصْرُ أَتَى بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى وَتَمَّ حَجُّهُ ‏(‏وَمَنْ حُصِرَ عَنْ‏)‏ فِعْلٍ ‏(‏وَاجِبٍ لَمْ يَتَحَلَّلْ‏)‏ لِعَدَمِ وُرُودِهِ ‏(‏وَعَلَيْهِ دَمٌ‏)‏ بِتَرْكِهِ كَمَا لَوْ تَرَكَهُ اخْتِيَارًا ‏(‏وَحَجُّهُ صَحِيحٌ‏)‏ لِتَمَامِ أَرْكَانِهِ ‏(‏وَمَنْ صُدَّ عَنْ عَرَفَةَ‏)‏ دُونَ الْحَرَمِ ‏(‏فِي حَجٍّ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ مَجَّانًا‏)‏ أَيْ وَلَمْ يَلْزَمْهُ بِهِ دَمٌ لِأَنَّهُ يُبَاحُ مَعَ غَيْرِ الْحَصْرِ، فَمَعَهُ أَوْلَى فَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَ لِلْقُدُومِ وَسَعَى، ثُمَّ أُحْصِرَ أَوْ مَرِضَ أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ تَحَلَّلَ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ آخَرَيْنِ لِأَنَّ الْأَوْلَيَيْنِ لَمْ يَقْصِدْهُمَا لِلْعُمْرَةِ ‏(‏وَمَنْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ أَوْ بِذَهَابِ نَفَقَةٍ أَوْ ضَلَّ الطَّرِيقَ بَقِيَ مُحْرِمًا حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى الْبَيْتِ‏)‏ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِالْإِحْلَالِ الِانْتِقَالَ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ خَيْرٍ مِنْهَا، وَلَا التَّخَلُّصَ مِنْ أَذًى بِهِ، بِخِلَافِ حَصْرِ الْعَدُوِّ ‏{‏وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ وَقَالَتْ‏:‏ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَحُجَّ وَأَنَا شَاكِيَةٌ قَالَ‏:‏ حُجِّي وَاشْتَرِطِي‏:‏ أَنَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي‏}‏ فَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ يُتِيحُ التَّحَلُّلَ لَمَا احْتَاجَتْ إلَى شَرْطٍ وَحَدِيثُ ‏{‏مَنْ كُسِرَ أَوْ عُرِجَ فَقَدْ حَلَّ‏}‏ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ بِمُجَرَّدِهِ حَلَالًا فَإِنْ حَمَلُوهُ عَلَى إبَاحَةِ التَّحَلُّلِ حَمَلْنَاهُ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَطَهُ، عَلَى أَنَّ فِي الْحَدِيثِ كَلَامًا لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ وَمَذْهَبُهُ بِخِلَافِهِ وَإِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ‏)‏ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْبَيْتِ ‏(‏تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ‏)‏ نَصًّا كَغَيْرِهِ ‏(‏وَلَا يَنْحَرُ‏)‏ مِنْ مَرَضٍ أَوْ ذَهَبَتْ نَفَقَتُهُ أَوْ ضَلَّ الطَّرِيقَ ‏(‏هَدْيًا مَعَهُ إلَّا بِالْحَرَمِ‏)‏ فَلَيْسَ كَالْمُحْصَرِ مِنْ عَدُوٍّ نَصًّا فَيَبْعَثُ مَا مَعَهُ مِنْ الْهَدْيِ فَيَذْبَحُ بِالْحَرَمِ وَصَغِيرٌ كَبَالِغٍ فِيمَا سَبَقَ لَكِنْ لَا يَقْضِي، حَيْثُ وَجَبَ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ وَبَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَفَاسِدُ حَجٍّ فِي ذَلِكَ كَصَحِيحِهِ فَإِنْ حَلَّ مَنْ فَسَدَ حَجُّهُ لِإِحْصَارٍ ثُمَّ زَالَ وَفِي الْوَقْتِ سَعَةٌ قَضَى فِي ذَلِكَ الْعَامِ‏.‏

قَالَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَجَمَاعَةٌ‏:‏ وَلَيْسَ يُتَصَوَّرُ الْقَضَاءُ فِي الْعَامِ الَّذِي أَفْسَدَ الْحَجَّ فِيهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ‏(‏وَمَنْ شَرَطَ فِي ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ‏:‏ أَنَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي فَلَهُ التَّحَلُّلُ مَجَّانًا فِي الْجَمِيعِ‏)‏ مِنْ فَوَاتٍ وَإِحْصَارٍ وَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا دَمَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِظَاهِرِ خَبَرِ ضُبَاعَةَ لِأَنَّهُ شَرْطٌ صَحِيحٌ فَكَانَ عَلَى مَا شَرَطَ، لَكِنْ تَحَلَّلَ وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ قَبْلُ فَوُجُوبُهَا بَاقٍ لِعَدَمِ مَا يُسْقِطُهُ‏.‏

بَابُ‏:‏ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيّ وَالْعَقِيقَةِ

الْهَدْيُ

‏(‏مَا يُهْدَى لِلْحَرَمِ مِنْ نَعَمٍ وَغَيْرِهَا‏)‏ لِأَنَّهُ يُهْدَى إلَى اللَّهِ تَعَالَى ‏(‏وَالْأُضْحِيَّةُ‏)‏ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا، وَتَشْدِيدِهَا‏:‏ وَاحِدَةُ الْأَضَاحِيِّ ‏(‏مَا يُذْبَحُ‏)‏ أَيْ يُذَكَّى ‏(‏مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ‏)‏ أَهْلِيَّةٍ ‏(‏أَوْ غَنَمٍ أَهْلِيَّةٍ أَيَّامَ النَّحْرِ‏)‏ يَوْمَ الْعِيدِ وَتَالِيَيْهِ، عَلَى مَا يَأْتِي ‏(‏بِسَبَبِ الْعِيدِ‏)‏ لَا لِنَحْوِ بَيْعٍ ‏(‏تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى‏)‏ وَيُقَالُ فِيهَا‏:‏ ضَحِيَّةٌ‏.‏

وَجَمْعُهَا ضَحَايَا وَأَضْحَاةٌ‏.‏

وَالْجَمْعُ أَضْحَى، وَأَجْمَعُوا عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏فَصَلِّ لِرَبِّك وَانْحَرْ‏}‏ قَالَ جَمْعٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ‏:‏ الْمُرَادُ التَّضْحِيَةُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ‏.‏

وَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏{‏ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ‏.‏

وَكَانَ يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ إلَى مَكَّةَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، وَأَهْدَى فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ مِائَةَ بَدَنَةٍ‏.‏

‏(‏وَلَا تُجْزِئُ‏)‏ أُضْحِيَّةٌ ‏(‏مِنْ غَيْرِهِنَّ‏)‏ أَيْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ الْأَهْلِيَّةِ ‏(‏وَالْأَفْضَلُ‏)‏ فِي هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ ‏(‏إبِلٌ، فَبَقَرٌ، فَغَنَمٌ إنْ أَخْرَجَ‏)‏ مَا أَهْدَاهُ أَوْ ضَحَّى بِهِ مِنْ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ ‏(‏كَامِلًا‏)‏ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ‏{‏مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً‏.‏

وَمَنْ رَاحَ السَّاعَةَ الثَّانِيَةَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ - الْحَدِيثَ‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهَا أَكْثَرُ ثَمَنًا وَلَحْمًا وَأَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ ‏(‏وَ‏)‏ الْأَفْضَلُ ‏(‏مِنْ كُلِّ جِنْسٍ أَسْمَنُ، فَأَغْلَى ثَمَنًا‏)‏ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ‏}‏‏.‏

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏"‏ تَعْظِيمُهَا‏:‏ اسْتِسْمَانُهَا وَاسْتِحْسَانُهَا ‏"‏ وَلِأَنَّهُ أَعْظَمُ لِأَجْرِهَا وَأَكْثَرُ لِنَفْعِهَا ‏(‏فَأَشْهَبُ‏)‏ أَيْ أَفْضَلُ أَلْوَانِهَا‏:‏ الْأَشْهَبُ ‏(‏وَهُوَ الْأَمْلَحُ، وَهُوَ الْأَبْيَضُ‏)‏ النَّقِيُّ الْبَيَاضِ‏.‏

قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ ‏(‏أَوْ مَا‏)‏ فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ و‏(‏بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ‏)‏ قَالَهُ الْكِسَائِيُّ لِحَدِيثِ مَوْلَاةِ أَبِي وَرَقَةَ بْنِ سَعِيدٍ مَرْفُوعًا‏:‏ ‏{‏دَمُ عَفْرَاءَ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ‏}‏ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بِمَعْنَاهُ‏.‏

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ ‏"‏ دَمُ بَيْضَاءَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ ‏"‏ وَلِأَنَّهُ لَوْنُ أُضْحِيَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏(‏فَأَصْفَرُ فَأَسْوَدُ‏)‏ أَيْ كُلَّمَا كَانَ أَحْسَنَ لَوْنًا كَانَ أَفْضَلَ ‏(‏وَ‏)‏ أَفْضَلُ ‏(‏مِنْ ثَنِيِّ مَعْزٍ‏:‏ جَذَعُ ضَأْنٍ‏)‏‏.‏

قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ لَا تُعْجِبُنِي الْأُضْحِيَّةُ إلَّا بِالضَّأْنِ‏.‏

وَلِأَنَّهُ أَطْيَبُ لَحْمًا مِنْ ثَنِيِّ مَعْزٍ ‏(‏وَ‏)‏ أَفْضَلُ ‏(‏مِنْ سُبْعِ بَدَنَةٍ‏.‏

أَوْ سُبْعِ بَقَرَةٍ‏:‏ شَاةٌ‏)‏ جَذَعُ ضَأْنٍ أَوْ ثَنِيُّ مَعْزٍ ‏(‏وَ‏)‏ أَفْضَلُ ‏(‏مِنْ إحْدَاهُمَا‏)‏ أَيْ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ ‏(‏سَبْعُ شِيَاهٍ‏)‏ لِكَثْرَةِ إرَاقَةِ الدِّمَاءِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ أَفْضَلُ ‏(‏مِنْ الْمُغَالَاةِ تَعَدُّدٌ فِي جِنْسٍ‏)‏ سَأَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ‏:‏ ‏"‏ بَدَنَتَانِ سَمِينَتَانِ بِتِسْعَةٍ، وَبَدَنَةٌ بِعَشَرَةِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَدَنَتَانِ أَعْجَبُ إلَيَّ ‏"‏ ‏(‏وَذَكَرٌ كَأُنْثَى‏)‏ لِعُمُومِ ‏{‏لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ‏}‏ وَقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ‏}‏، ‏{‏وَأَهْدَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَلًا كَانَ لِأَبِي جَهْلٍ فِي أَنْفِهِ بُرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ‏}‏ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ أَحْمَدُ‏:‏ الْخَصِيُّ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ النَّعْجَةِ؛ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَوْفَرُ وَأَطْيَبُ ‏(‏وَلَا يُجْزِئُ‏)‏ فِي هَدْيٍ وَاجِبٍ وَلَا أُضْحِيَّةٍ ‏(‏دُونَ جَذَعِ ضَأْنٍ‏)‏ وَهُوَ ‏(‏مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ‏)‏ كَوَامِلَ لِحَدِيثِ ‏{‏يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ أُضْحِيَّةً‏}‏ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ‏.‏

وَالْهَدْيُ مِثْلُهَا‏.‏

وَيُعْرَفُ بِنَوْمِ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِهِ‏.‏

قَالَ الْخِرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ ‏(‏وَ‏)‏ لَا يُجْزِئُ دُونَ ‏(‏ثَنِيِّ مَعْزٍ‏)‏ وَهُوَ ‏(‏مَا لَهُ سَنَةٌ‏)‏ كَامِلَةٌ لِأَنَّهُ قَبْلَهَا لَا يُلَقِّحُ، بِخِلَافِ جَذَعِ الضَّأْنِ‏.‏

فَإِنَّهُ يَنْزِي فَيُلَقِّحُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَا يُجْزِئُ دُونَ ‏(‏ثَنِيِّ بَقَرٍ‏)‏ وَهُوَ ‏(‏مَا لَهُ سَنَتَانِ‏)‏ كَامِلَتَانِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَا يُجْزِئُ دُونَ ‏(‏ثَنِيِّ إبِلٍ‏)‏ وَهُوَ ‏(‏مَا لَهُ خَمْسُ سِنِينَ‏)‏ كَوَامِلَ‏.‏

سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَلْقَى ثَنِيَّتَهُ ‏(‏وَتُجْزِئُ الشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ، وَ‏)‏ عَنْ ‏(‏أَهْلِ بَيْتِهِ وَعِيَالِهِ‏)‏ نَصًّا‏.‏

لِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ ‏{‏كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ‏.‏

فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ‏}‏ قَالَ فِي الشَّرْحِ‏:‏ حَدِيثٌ صَحِيحٌ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ تُجْزِئُ ‏(‏بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ عَنْ سَبْعَةٍ‏)‏ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ لِحَدِيثِ جَابِرٍ ‏{‏نَحَرْنَا بِالْحُدَيْبِيَةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ‏}‏ رَوَاهُ مُسْلِمٌ‏.‏

‏(‏وَيُعْتَبَرُ ذَبْحُهَا‏)‏ أَيْ الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ ‏(‏عَنْهُمْ‏)‏ نَصًّا‏.‏

لِحَدِيثِ ‏{‏إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ‏}‏ ‏(‏وَسَوَاءٌ أَرَادُوا كُلُّهُمْ قُرْبَةً‏.‏

أَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ قُرْبَةً، وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ لَحْمًا، أَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ‏)‏ مُسْلِمًا وَأَرَادَ الْقُرْبَةَ، وَبَعْضُهُمْ ‏(‏ذِمِّيًّا‏)‏ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ مَا نَوَى؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ الْمُجْزِئَ لَا يَنْقُصُ أَجْرَهُ بِإِرَادَةِ الشَّرِيكِ غَيْرَ الْقُرْبَةِ‏.‏

وَلَوْ اخْتَلَفَتْ جِهَاتُ الْقُرَبِ‏.‏

وَالْقِسْمَةُ فِيهَا‏:‏ إفْرَازٌ لَا بَيْعٌ‏.‏

وَإِنْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْجَبُوهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُشْرِكُوا غَيْرَهُمْ فِيهَا‏.‏

وَإِنْ ذَبَحَهَا قَوْمٌ عَلَى أَنَّهُمْ سَبْعَةٌ فَبَانُوا ثَمَانِيَةً ذَبَحُوا شَاةً وَأَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ‏.‏

فَإِنْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي شَاتَيْنِ عَلَى الشُّيُوعِ جَازَ‏.‏

وَإِنْ اشْتَرَى سُبْعَ بَقَرَةٍ أَوْ بَدَنَةٍ ذُبِحَتْ لِلَحْمٍ لِيُضَحِّيَ بِهِ فَهُوَ لَحْمٌ، وَلَيْسَ بِأُضْحِيَّةٍ نَصًّا ‏(‏وَيُجْزِئُ فِيهِمَا‏)‏ أَيْ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ ‏(‏جَمَّاءُ‏)‏ لَمْ يُخْلَقْ لَهَا قَرْنٌ ‏(‏وَبَتْرَاءُ‏)‏ لَا أُذُنَ لَهَا خِلْقَةً، أَوْ مَقْطُوعًا ‏(‏وَصَمْعَاءُ‏)‏ بِصَادٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَتَيْنِ صَغِيرَةُ الْأُذُنِ ‏(‏وَخَصِيٌّ‏)‏ مَا قُطِعَتْ خُصْيَتَاهُ أَوْ سُلَّتَا ‏(‏وَمَرْضُوضُ الْخُصْيَتَيْنِ‏)‏ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏{‏ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ‏}‏ وَالْوَجْءُ رَضُّ الْخُصْيَتَيْنِ وَلِأَنَّ الْخِصَاءَ أَذْهَبَ عُضْوًا غَيْرَ مُسْتَطَابٍ يَطِيبُ اللَّحْمُ بِذَهَابِهِ وَيَسْمَنُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يُجْزِئُ فِي هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ مِنْ إبِلٍ، أَوْ بَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ ‏(‏مَا خُلِقَ بِغَيْرِ أُذُنٍ، أَوْ ذَهَبَ نِصْفُ أَلْيَتِهِ‏)‏ فَمَا دُونَهُ‏.‏

وَكَذَا الْحَامِلُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ‏.‏

وَ ‏(‏لَا‏)‏ يُجْزِئُ فِيهِمَا ‏(‏بَيِّنَةُ الْعَوَرِ، بِأَنْ انْخَسَفَ عَيْنُهَا‏)‏ لِلْخَبَرِ ‏(‏وَلَا‏)‏ يُجْزِئُ فِيهِمَا ‏(‏قَائِمَةُ الْعَيْنَيْنِ مَعَ ذَهَابِ إبْصَارِهِمَا‏)‏ لِأَنَّ الْعَمَى يَمْنَعُ مِشْيَتَهَا مَعَ رَفِيقَتِهَا‏.‏

وَيَمْنَعُ مُشَارَكَتَهَا فِي الْعَلَفِ‏.‏

وَفِي النَّهْيِ عَنْ الْعَوْرَاءِ التَّنْبِيهُ عَلَى الْعَمْيَاءِ ‏(‏وَلَا‏)‏ يُجْزِئُ فِيهِمَا ‏(‏عَجْفَاءُ لَا تَنْقَى، وَهِيَ الْهَزِيلَةُ الَّتِي لَا مُخَّ فِيهَا‏.‏

وَلَا عَرْجَاءُ لَا تُطِيقُ مَشْيًا مَعَ صَحِيحَةٍ، وَلَا بَيِّنَةُ الْمَرَضِ‏)‏ لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ‏:‏ ‏{‏قَامَ فِينَا الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ‏:‏ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلَعُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِيَ‏}‏ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ‏.‏

فَإِذَا كَانَ عَلَى عَيْنَيْهَا بَيَاضٌ وَلَمْ تَذْهَبْ أَجْزَأَتْ؛ لِأَنَّ عَوَرَهَا لَيْسَ بَيِّنًا، وَلَا يَنْقُصُ بِهِ لَحْمُهَا ‏(‏وَلَا‏)‏ تُجْزِئُ فِيهِمَا ‏(‏جِدَاءٌ وَهِيَ الْجَدْبَاءُ، وَهِيَ مَا شَابَ وَنَشِفَ ضَرْعُهَا‏)‏ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْعَجْفَاءِ، بَلْ أَوْلَى ‏(‏وَلَا‏)‏ تُجْزِئُ فِيهِمَا ‏(‏هَتْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي ذَهَبَتْ ثَنَايَاهَا مِنْ أَصْلِهَا‏)‏ كَالَّتِي قَبْلَهَا ‏(‏وَلَا عَصْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي انْكَسَرَ غُلَافُ قَرْنِهَا‏)‏ قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ ‏(‏وَلَا‏)‏ يُجْزِئُ فِيهِمَا ‏(‏خَصِيٌّ مَجْبُوبٌ‏)‏ نَصًّا‏.‏

‏(‏وَلَا عَضْبَاءُ وَهِيَ مَا ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهَا أَوْ ذَهَبَ‏)‏ أَكْثَرُ ‏(‏قَرْنِهَا‏)‏ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ‏.‏

قَالَ‏:‏ ‏{‏نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُضَحَّى بِأَعْضَبِ الْأُذُنِ وَالْقَرْنِ‏}‏‏.‏

قَالَ قَتَادَةُ‏:‏ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ‏:‏ الْعَضَبُ‏:‏ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ‏.‏

رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلِأَنَّ الْأَكْثَرَ كَالْكُلِّ‏.‏

‏(‏وَتُكْرَهُ مَعِيبَتُهُمَا‏)‏ أَيْ الْأُذُنِ وَالْقَرْنِ ‏(‏بِخَرْقٍ أَوْ شَقٍّ، أَوْ قَطْعٍ لِنِصْفٍ مِنْهُمَا فَأَقَلَّ‏)‏ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ ‏{‏أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ، وَأَنْ لَا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ، وَلَا مُدَابَرَةٍ وَلَا خَرْقَاءَ، وَلَا شَرْقَاءَ‏}‏ قَالَ زُهَيْرٌ‏:‏ قُلْت لِأَبِي إِسْحَاقَ ‏"‏ وَمَا الْمُقَابَلَةُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ تُقْطَعُ فِي طَرَفِ الْأُذُنِ‏.‏

قُلْتُ فَمَا الْمُدَابَرَةُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ تُقْطَعُ فِي مُؤَخَّرِ الْأُذُنِ‏.‏

قُلْت‏:‏ فَمَا الْخَرْقَاءُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ تُشَقُّ الْأُذُنُ‏.‏

قُلْت فَمَا الشَّرْقَاءُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ تُشَقُّ أُذُنُهَا لِلسِّمَةِ ‏"‏ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَهَذَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ، فَيَحْصُلُ الْإِجْزَاءُ بِهِمَا، لِأَنَّ اشْتِرَاطَ السَّلَامَةِ مِنْ ذَلِكَ يَشُقُّ، وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ سَالِمٌ مِنْ هَذَا كُلِّهِ ‏(‏وَسُنَّ نَحْرُ الْإِبِلِ قَائِمَةً مَعْقُولَةً‏)‏ يَدُهَا الْيُسْرَى ‏(‏بِأَنْ يَطْعَنَهَا‏)‏ بِنَحْوِ حَرْبَةٍ ‏(‏فِي الْوَهْدَةِ‏.‏

وَهِيَ بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالصَّدْرِ‏)‏ لِحَدِيثِ ‏{‏زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ أَنَاخَ بَدَنَةً لِيَنْحَرَهَا، فَقَالَ‏:‏ ابْعَثْهَا قَائِمَةً مُقَيَّدَةً، سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ ‏{‏أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَنْحَرُونَ الْبَدَنَةَ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى قَائِمَةً عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ قَوَائِمِهَا‏}‏ وَيُؤَيِّدُهُ ‏{‏فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا‏}‏ لَكِنْ إنْ خَشِيَ أَنْ تَنْفِرَ أَنَاخَهَا ‏(‏وَ‏)‏ سُنَّ ذَبْحُ ‏(‏بَقَرٍ وَغَنَمٍ عَلَى جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ مُوَجَّهَةً إلَى الْقِبْلَةِ‏)‏ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً‏}‏ وَلِحَدِيثِ ‏{‏ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ‏.‏

وَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ‏}‏ وَيَجُوزُ نَحْرُ مَا يُذْبَحُ وَذَبْحُ مَا يُنْحَرُ‏.‏

وَيَحِلُّ لِأَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ مَحَلَّ الذَّبْحِ‏.‏

وَلِعُمُومِ حَدِيثِ ‏{‏مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ‏}‏ ‏(‏وَيُسَمِّي‏)‏ وُجُوبًا ‏(‏حِينَ يُحَرِّكُ يَدَهُ بِالْفِعْلِ‏)‏ أَيْ النَّحْرِ أَوْ الذَّبْحِ‏.‏

وَتَسْقُطُ سَهْوًا ‏(‏وَيُكَبِّرُ‏)‏ نَدْبًا ‏(‏وَيَقُولُ‏:‏ اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَك‏)‏ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا ‏{‏ذَبَحَ يَوْمَ الْعِيدِ كَبْشَيْنِ ثُمَّ قَالَ حِينَ وَجَّهَهُمَا‏:‏ وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ‏.‏

إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ بِسْمِ اللَّه وَاَللَّهُ أَكْبَرُ‏.‏

اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَلَك‏}‏ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ‏(‏وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ‏)‏ أَيْ عِنْدَ الذَّبْحِ ‏(‏اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ‏)‏ لِحَدِيثِ ‏{‏تَقَبَّلَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى‏}‏ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ‏(‏وَيَذْبَحُ‏)‏ أَوْ يَنْحَرُ ‏(‏وَاجِبًا‏)‏ مِنْ هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ ‏(‏قَبْلَ‏)‏ ذَبْحٍ أَوْ نَحْرٍ ‏(‏نَفْلٍ‏)‏ مِنْهُمَا مُسَارَعَةً لِأَدَاءِ الْوَاجِبِ ‏(‏وَسُنَّ إسْلَامُ ذَابِحٍ‏)‏ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ‏.‏

فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلِيَهَا غَيْرُ أَهْلِهَا‏.‏

فَإِنْ اسْتَنَابَ فِيهَا ذِمِّيًّا أَجْزَأَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ ‏(‏وَتَوَلِّيهِ‏)‏ أَيْ الْمُهْدِي أَوْ الْمُضَحِّي الذَّبْحَ ‏(‏بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ‏)‏ نَصًّا لِلْأَخْبَارِ‏.‏

وَيَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏{‏نَحَرَ مِمَّا سَاقَهُ فِي حَجَّتِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً وَاسْتَنَابَ عَلِيًّا فِي نَحْرِ الْبَاقِي‏}‏ ‏(‏وَيَحْضُرُ‏)‏ مُهْدٍ أَوْ مُضَحٍّ ‏(‏إنْ وَكَّلَ‏)‏ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الطَّوِيلِ ‏{‏وَأَحْضِرُوهَا إذَا ذَبَحْتُمْ فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكُمْ عِنْدَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا‏}‏ ‏(‏وَتُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ‏)‏ أَيْ الْمُوَكِّلِ ‏(‏إذَنْ‏)‏ أَيْ حَالَ التَّوْكِيلِ فِي الذَّبْحِ ‏(‏إلَّا مَعَ التَّعْيِينِ‏)‏ بِأَنْ يَكُونَ الْهَدْيُ مُعَيَّنًا وَالْأُضْحِيَّةَ مُعَيَّنَةً فَلَا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ كَمَا ‏(‏لَا‏)‏ تُعْتَبَرُ ‏(‏تَسْمِيَةُ الْمُضَحَّى عَنْهُ‏)‏ وَلَا الْمُهْدِي عَنْهُ اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ ‏(‏وَوَقْتُ ذَبْحِ أُضْحِيَّةٍ‏.‏

وَوَقْتُ ذَبْحِ هَدْيِ نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ وَهَدْيٍ وَقِرَانٍ‏:‏ مِنْ بَعْدِ أَسْبَقِ صَلَاةِ الْعِيدِ بِالْبَلَدِ‏)‏ الَّذِي تُصَلَّى فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ‏(‏أَوْ‏)‏ مِنْ بَعْدِ ‏(‏قَدْرِهَا‏)‏ أَيْ الصَّلَاةِ ‏(‏لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ‏)‏ يَعْنِي لِمَنْ بِمَحَلٍّ لَا يُصَلِّي فِيهِ، كَأَهْلِ الْبَوَادِي مِنْ أَصْحَابِ الطُّنُبُ وَالْخَرْكَاوَات وَنَحْوِهِمْ‏.‏

وَأَمَّا مَنْ بِمِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ تُصَلِّي فِيهِ الْعِيدَ فَلَيْسَ لَهُ الذَّبْحُ قَبْلَ الصَّلَاةِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ ‏(‏وَإِنْ فَاتَتْ الصَّلَاةُ بِالزَّوَالِ ذَبَحَ‏)‏ بَعْدَهُ لِحَدِيثِ ‏{‏مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلَيْسَ بِمُضَحٍّ وَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى‏}‏ وَحَدِيثُ مَنْ ‏{‏صَلَّى صَلَاتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ‏.‏

وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ نُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ‏(‏إلَى آخِرِ ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ‏)‏‏.‏

قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ أَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ‏:‏ عَنْ خَمْسَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ‏.‏

وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ التَّضْحِيَةُ وَذَبْحُ هَدْيٍ ‏(‏فِي أَوَّلِهَا‏)‏ أَيْ‏:‏ أَيَّامِ الذَّبْحِ وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ أَفْضَلُ‏.‏

وَأَفْضَلُهُ عَقِبَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ‏.‏

وَذَبْحُ الْإِمَامِ إنْ كَانَ ‏(‏فِيمَا يَلِيهِ‏)‏ أَيْ يَوْمَ الْعِيدِ ‏(‏أَفْضَلُ‏)‏ مُسَارَعَةً لِلْخَيْرِ ‏(‏وَيُجْزِئُ‏)‏ ذَبْحُ هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ ‏(‏فِي لَيْلَتِهَا‏)‏ أَيْ الْيَوْمِ الْأَوَّل وَالثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِدُخُولِهِ فِي مُدَّةِ الذَّبْحِ‏.‏

فَجَازَ فِيهِ كَالْأَيَّامِ ‏(‏فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ‏)‏ لِلذَّبْحِ ‏(‏قَضَى الْوَاجِبَ‏)‏ وَفَعَلَ بِهِ ‏(‏كَالْأَدَاءِ‏)‏ الْمَذْبُوحِ فِي وَقْتِهِ‏.‏

فَلَا يَسْقُطُ الذَّبْحُ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ كَمَا لَوْ ذَبَحَهَا فِي وَقْتِهَا وَلَمْ يُفَرِّقْهَا حَتَّى خَرَجَ ‏(‏وَسَقَطَ التَّطَوُّعُ‏)‏ بِخُرُوجِ وَقْتِهِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فَاتَ مَحَلُّهَا‏.‏

فَلَوْ ذَبَحَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ كَانَ لَحْمًا تَصَدَّقَ بِهِ لَا أُضْحِيَّةً ‏(‏وَقْتَ ذَبْحِ‏)‏ هَدْيٍ ‏(‏وَاجِبٍ بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ مِنْ حِينِهِ‏)‏ أَيْ فِعْلِ الْمَحْظُورِ كَالْكَفَّارَةِ بِالْحِنْثِ ‏(‏وَإِنْ أَرَادَ فِعْلَهُ‏)‏ أَيْ الْمَحْظُورَ ‏(‏لِعُذْرٍ يُبِيحُهُ فَلَهُ ذَبْحُهُ‏)‏ أَيْ مَا يَجِبُ بِهِ ‏(‏قَبْلَهُ‏)‏ أَيْ فِعْلِ الْمَحْظُورِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ‏.‏

كَإِخْرَاجِ كَفَّارَةٍ عَنْ يَمِينٍ بَعْدَ حَلِفٍ وَقَبْلَ حِنْثٍ ‏(‏وَكَذَا مَا‏)‏ أَيْ دَمٌ ‏(‏وَجَبَ لِتَرْكِ وَاجِبٍ‏)‏ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَيَدْخُلُ وَقْتُهُ مِنْ تَرْكِهِ‏.‏

فَصْلٌ‏:‏ ‏[‏ما يتعين له الهَدْي‏]‏

وَيَتَعَيَّنُ هَدْيٌ بِقَوْلِهِ هَذَا هَدْيٌ لِاقْتِضَائِهِ الْإِيجَابَ‏.‏

فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ ‏(‏أَوْ بِتَقْلِيدِهِ‏)‏ النَّعْلَ وَالْعُرَى وَآذَانَ الْقِرَبِ بِنِيَّةِ كَوْنِهِ هَدْيًا ‏(‏أَوْ‏)‏ بِ ‏(‏إشْعَارِهِ بِنِيَّتِهِ‏)‏ أَيْ الْهَدْيِ لِقِيَامِ الْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى الْمَقْصُودِ مَعَ النِّيَّةِ مَقَامَ اللَّفْظِ‏.‏

كَبِنَاءِ مَسْجِدٍ وَيَأْذَنُ لِلنَّاسِ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ تَتَعَيَّنُ ‏(‏أُضْحِيَّةٌ ب‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَيْ وَيَتَعَيَّنُ هَدْيٌ وَأُضْحِيَّةٌ بِقَوْلِهِ‏:‏ هَذَا أَوْ هَذِهِ ‏(‏لِلَّهِ وَنَحْوَهُ‏)‏ كَلِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُهُ ‏(‏فِيهِمَا‏)‏ أَيْ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةَ‏.‏

وَلَا يَتَعَيَّنُ هَدْيٌ و‏(‏لَا‏)‏ أُضْحِيَّةٌ ‏(‏بِنِيَّتِهِ‏)‏ ذَلِكَ ‏(‏حَالَ الشِّرَاءِ‏)‏ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إزَالَةُ مِلْكٍ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ‏.‏

فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ ‏(‏وَلَا‏)‏ يَتَعَيَّنُ هَدْيٌ وَلَا أُضْحِيَّةٌ ‏(‏بِسَوْقِهِ مَعَ نِيَّتِهِ‏)‏ هَدْيًا أَوْ أُضْحِيَّةً مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ أَوْ إشْعَارٍ‏.‏

لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْهَدْيِ ‏(‏كَإِخْرَاجِهِ مَالًا لِلصَّدَقَةِ بِهِ‏)‏ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ لِلْخَبَرِ ‏(‏وَمَا تَعَيَّنَ‏)‏ مِنْ هَدْيٍ أَوْ أُضْحِيَّةٍ ‏(‏جَازَ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ وَشِرَاءُ خَيْرٍ مِنْهُ‏)‏ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ مَعَ نَفْعِ الْفُقَرَاءِ بِالزِّيَادَةِ؛ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا‏.‏

وَالْإِبْدَالُ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ‏.‏

وَ ‏(‏لَا‏)‏ يَجُوزُ ‏(‏بَيْعُهُ‏)‏ أَيْ مَا تَعَيَّنَ ‏(‏فِي دَيْنٍ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتٍ‏)‏ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا‏.‏

وَتَقُومُ وَرَثَتُهُ مَكَانَهُ فِي أَكْلٍ وَصَدَقَةٍ وَهَدِيَّةٍ‏.‏

‏(‏وَإِنْ عَيَّنَ‏)‏ فِي هَدْيٍ أَوْ أُضْحِيَّةٍ ‏(‏مَعْلُومٍ عَيْبُهُ تَعَيَّنَ‏)‏ كَعِتْقِ مَعِيبٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ‏.‏

وَظَاهِرُهُ‏:‏ وَلَوْ عَيَّنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُ، لَمْ يَتَعَيَّنْ‏.‏

لَكِنْ قِيَاسُهُمْ عَلَى الْعِتْقِ يَقْتَضِي تَعْيِينَهُ مُطْلَقًا ‏(‏وَكَذَا‏)‏ لَوْ عَيَّنَ مَعْلُومَ الْعَيْبِ ‏(‏عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ‏)‏ مِنْ هَدْيٍ أَوْ أُضْحِيَّةٍ‏.‏

فَيَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ ‏(‏وَلَا يُجْزِئْهُ‏)‏ هَدْيٌ وَلَا أُضْحِيَّةٌ ‏(‏وَيَمْلِكُ‏)‏ مَنْ اشْتَرَى مَعِيبًا يَجْهَلُهُ وَعَيَّنَهُ ‏(‏رَدَّ مَا عَلِمَ عَيْبَهُ بَعْدَ تَعَيُّنِهِ‏)‏ كَمَا يَمْلِكُ أَخْذَ أَرْشِهِ ‏(‏وَإِنْ أَخَذَ الْأَرْشَ فَهُوَ كَفَاضِلٍ مِنْ قِيمَةٍ‏)‏ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ‏.‏

قُلْت‏:‏ وَكَذَا لَوْ اسْتَرْجَعَ الثَّمَنَ ‏(‏وَلَوْ بَانَتْ مَعِيبَةً مُسْتَحَقَّةً لَزِمَهُ بَدَلُهَا‏)‏ نَصًّا‏.‏

وَفِي الْفُرُوعِ‏:‏ وَيَتَوَجَّه فِيهِ كَأَرْشٍ ‏(‏وَ‏)‏ يُبَاحُ لِمُهْدٍ وَمُضَحٍّ ‏(‏أَنْ يَرْكَبَ‏)‏ هَدْيًا وَأُضْحِيَّةٍ مُعَيَّنَيْنِ ‏(‏لِحَاجَةٍ فَقَطْ بِلَا ضَرَرٍ‏)‏ لِحَدِيثِ ‏{‏ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إذَا أُلْجِئْت إلَيْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا‏}‏ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَسَاكِينِ بِهَا‏.‏

وَإِنَّمَا جَازَ لِلْحَاجَةِ لِلْحَدِيثِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَفِيهِ ضَرَرٌ بِهَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ ‏(‏وَيَضْمَنُ النَّقْصَ‏)‏ بِرُكُوبِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِ بِهَا ‏(‏وَإِنْ وَلَدَتْ‏)‏ مُعَيَّنَةٌ ابْتِدَاءً أَوْ عَمَّا فِي ذِمَّةٍ مِنْ هَدْيٍ أَوْ أُضْحِيَّةٍ ‏(‏ذَبَحَ وَلَدَهَا مَعَهَا‏)‏ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِأُمِّهِ، سَوَاءٌ كَانَ حَمْلًا حِينَ التَّعْيِينِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ، كَوَلَدٍ وَمُدَبَّرَةٍ ‏(‏إنْ أَمْكَنَ حَمْلُهُ‏)‏ أَيْ الْوَلَدِ وَلَوْ عَلَى ظَهْرٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَمْكَنَ ‏(‏سَوْقُهُ‏)‏ إلَى الْمَنْحَرِ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يُمْكِنُ حَمْلُهُ وَلَا سَوْقُهُ ‏(‏فَ‏)‏ هُوَ ‏(‏كَهَدْيٍ عَطِبَ‏)‏ عَلَى مَا يَأْتِي ‏(‏وَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا إلَّا مَا فَضَلَ عَنْهُ‏)‏ أَيْ وَلَدِهَا وَلَمْ يَضُرَّهَا، وَلَا نَقَصَ لَحْمَهَا؛ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ لَا يَضُرُّهَا وَلَا وَلَدَهَا‏.‏

فَإِنْ حَلَبَهَا وَفِيهِ إضْرَارٌ بِهَا أَوْ بِوَلَدِهَا حَرُمَ‏.‏

وَعَلَيْهِ الصَّدَقَةُ بِهِ فَإِنْ شَرِبَهُ ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ بِأَخْذِهِ ‏(‏وَ‏)‏ يُبَاحُ أَنْ ‏(‏يَجُزَّ صُوفَهَا‏)‏ أَيْ الْمُعَيَّنَةِ هَدْيًا أَوْ أُضْحِيَّةً ‏(‏وَنَحْوَهُ‏)‏ كَوَبَرِهَا ‏(‏لِمَصْلَحَةٍ‏)‏ لِانْتِفَاعِهَا بِهِ ‏(‏وَيَتَصَدَّقُ بِهِ‏)‏ نَدْبًا‏.‏

وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِجَرَيَانِهِ مَجْرَى جِلْدِهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ دَوَامًا‏.‏

فَإِنْ كَانَ بَقَاؤُهُ أَنْفَعَ لَهَا لِيَقِيَهَا حَرًّا أَوْ بَرْدًا حَرُمَ جَزُّهُ كَأَخْذِ بَعْضِ أَعْضَائِهَا ‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ الْمُضَحِّي وَالْمُهْدِي ‏(‏إعْطَاءُ الْجَازِرِ مِنْهَا هَدِيَّةً وَصَدَقَةً‏)‏ لِمَفْهُومِ حَدِيثٍ ‏{‏لَا تُعْطِ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا مِنْهَا‏}‏‏.‏

قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ؛ وَلِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى‏.‏

لِأَنَّهُ بَاشَرَهَا وَتَاقَتْ إلَيْهَا نَفْسُهُ‏.‏

وَ ‏(‏لَا‏)‏ يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مِنْهَا ‏(‏بِأُجْرَتِهِ‏)‏ لِلْخَبَرِ ‏(‏وَيَتَصَدَّقُ‏)‏ اسْتِحْبَابًا ‏(‏وَيَنْتَفِعُ بِجِلْدِهَا وَجُلِّهَا‏)‏ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا أَوْ تَبَعٌ لَهَا‏.‏

فَجَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَاللَّحْمِ ‏(‏وَيَحْرُمُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا‏)‏ أَيْ الذَّبِيحَةِ هَدْيًا أَوْ أُضْحِيَّةً ‏(‏أَوْ مِنْهُمَا‏)‏ أَيْ الْجِلْدِ وَالْجُلِّ وَاجِبَةً كَانَتْ أَوْ تَطَوُّعًا لِتَعَيُّنِهَا بِالذَّبْحِ‏.‏

‏{‏وَلِحَدِيثِ عَلِيٍّ أَمَرَنِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَقْسِمَ جُلُودَهَا وَجِلَالَهَا، وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَازِرَ مِنْهَا شَيْئًا‏.‏

وَقَالَ‏:‏ نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ سَاقَهَا لِلَّهِ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ‏.‏

فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِمَّا جَعَلَهُ لِلَّهِ ‏(‏وَإِنْ سُرِقَ مَذْبُوحٌ مِنْ أُضْحِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ هَدْيٍ مُعَيَّنٍ ابْتِدَاءً، أَوْ عَنْ وَاجِبٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا بِنَذْرٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ‏)‏ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ بِتَلَفِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ كَوَدِيعَةٍ ‏(‏وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ‏)‏ مَا ذَبَحَهُ عَنْ وَاجِبٍ فِي ذِمَّتِهِ وَسُرِقَ ‏(‏ضَمِنَ‏)‏ مَا فِي ذِمَّتِهِ لِعَدَمِ تَمَيُّزِهِ عَنْ مَالِهِ‏.‏

فَضَمِنَهُ كَبَقِيَّةٍ مَالِهِ ‏(‏وَإِنْ ذَبَحَهَا‏)‏ أَيْ الْمُعَيَّنَةَ مِنْ هَدْيٍ أَوْ أُضْحِيَّةٍ ‏(‏ذَابِحٌ فِي وَقْتِهَا بِلَا إذْنِ‏)‏ رَبِّهَا وَإِذَا‏)‏ كَانَ الذَّابِحُ ‏(‏نَوَاهَا عَنْ نَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا أُضْحِيَّةُ الْغَيْرِ‏)‏ لَمْ تُجْزِ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَرَّقَ لَحْمَهَا أَوْ لَا ‏(‏أَوْ‏)‏ نَوَاهَا ‏(‏عَنْ نَفْسِهِ‏)‏ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا أُضْحِيَّةُ الْغَيْرِ ‏(‏وَفَرَّقَ لَحْمَهَا لَمْ تُجْزِئْ‏)‏ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ‏(‏وَضَمِنَ‏)‏ ذَابِحٌ ‏(‏مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ‏)‏ أَيْ قِيمَتِهَا صَحِيحَةً وَمَذْبُوحَةً ‏(‏إنْ لَمْ يُفَرِّقْ لَحْمَهَا‏)‏ ظَاهِرُهُ‏:‏ أَجْزَأَتْ عَنْ رَبِّهَا أَوْ لَا‏.‏

قُلْت‏:‏ وَلَعَلَّ حُكْمَهُ كَأَرْشٍ عَلَى مَا يَأْتِي‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ ضَمِنَ ‏(‏قِيمَتَهَا‏)‏ صَحِيحَةً ‏(‏إنْ فَرَّقَهُ‏)‏ أَيْ اللَّحْمَ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ مُتْلِفٌ عُدْوَانًا ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَكُنْ الذَّابِحُ يَعْلَمُ أَنَّهَا أُضْحِيَّةُ الْغَيْرِ، بِأَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُفَرِّقْ لَحْمَهَا أَوْ عَلِمَهُ وَنَوَاهَا عَنْ رَبِّهَا أَوْ أَطْلَقَ ‏(‏أَجْزَأَتْ‏)‏ عَنْ مَالِكِهَا ‏(‏وَلَا ضَمَانَ‏)‏ نَصًّا‏.‏

لِعَدَمِ افْتِقَارِ آلَةِ الذَّبْحِ إلَى نِيَّةٍ كَغَسْلِ النَّجَاسَةِ وَلِوُقُوعِهَا مَوْقِعَهَا ‏(‏أَوْ إنْ ضَحَّى اثْنَانِ كُلٌّ‏)‏ مِنْهُمَا ضَحَّى ‏(‏بِأُضْحِيَّةٍ الْآخَرِ غَلَطًا كَفَتْهُمَا‏)‏ لِوُقُوعِهَا مَوْقِعَهَا بِذَبْحِهَا فِي وَقْتِهَا ‏(‏وَلَا ضَمَانَ‏)‏ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ اسْتِحْسَانًا لِإِذْنِ الشَّرْعِ فِيهِ وَلَوْ فَرَّقَا اللَّحْمَ ‏(‏وَإِنْ بَقِيَ اللَّحْمُ‏)‏ أَيْ لَحْمُ مَا ذَبَحَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا ‏(‏تَرَادَّاهُ‏)‏ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُفَرِّقَ لَحْمَ أُضْحِيَّتِهِ بِنَفْسِهِ فَكَانَ أَوْلَى بِهِ ‏(‏وَإِنْ أَتْلَفَهَا‏)‏ أَيْ الْأُضْحِيَّةَ الْمُعَيَّنَةَ ‏(‏أَجْنَبِيٌّ‏)‏ أَيْ غَيْرُ رَبِّهَا ‏(‏أَوْ‏)‏ أَتْلَفَهَا ‏(‏صَاحِبُهَا ضَمِنَهَا‏)‏ بِتَلَفِهَا ‏(‏بِقِيمَتِهَا يَوْمَ التَّلَفِ‏)‏ كَسَائِرِ الْمُقَوَّمَات ‏(‏تُصْرَفُ‏)‏ قِيمَتُهَا ‏(‏فِي مِثْلِهَا لِتَعَيُّنِهَا بِخِلَافِ قِنٍّ تَعَيَّنَ لِعِتْقٍ‏)‏ بِأَنْ يُنْذَرَ عِتْقُهُ نَذْرَ تَبَرُّرٍ فَإِنْ أَتْلَفَهُ رَبُّهُ أَوْ غَيْرُهُ فَلَا يَلْزَمُ صَرْفُ قِيمَتِهِ فِي مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِتْقِ تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ‏.‏

‏(‏وَهُوَ حَقٌّ لِلرَّقِيقِ‏)‏ وَقَدْ هَلَكَ ‏(‏وَلَوْ مَرِضَتْ‏)‏ مُعَيَّنَةٌ ‏(‏فَخَافَ‏)‏ صَاحِبُهَا ‏(‏عَلَيْهَا‏)‏ مَوْتًا ‏(‏فَذَبَحَهَا فَعَلَيْهِ بَدَلُهَا‏)‏ لِإِتْلَافِهِ إيَّاهَا ‏(‏وَلَوْ تَرَكَهَا‏)‏ بِلَا ذَبْحٍ ‏(‏فَمَاتَتْ‏.‏

فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ نَصًّا‏)‏ لِأَنَّهَا كَالْوَدِيعَةِ عِنْدَهُ‏.‏

وَلَمْ يُفَرِّطْ ‏(‏وَإِنْ فَضَلَ عَنْ شِرَاءِ الْمِثْلِ شَيْءٌ‏)‏ مِنْ قِيمَةٍ وَجَبَتْ لِرُخْصٍ‏.‏

بِأَنْ كَانَ الْمُتْلَفُ شَاةً مَثَلًا تُسَاوِي عَشَرَةً وَرَخُصَتْ الْغَنَمُ بِحَيْثُ يُسَاوِي مِثْلُهَا خَمْسَةً ‏(‏اشْتَرَى بِهِ‏)‏ أَيْ الْفَاضِلِ عَنْ شِرَاءِ الْمِثْلِ ‏(‏شَاةً، أَوْ‏)‏ اشْتَرَى بِهِ ‏(‏سُبْعَ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ‏)‏ إنْ أَمْكَنَ وَإِنْ شَاءَ اشْتَرَى بِالْعَشَرَةِ كُلِّهَا شَاةً وَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ‏)‏ الْفَاضِلُ ثَمَنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ‏(‏تَصَدَّقَ بِهِ‏)‏ أَيْ الْفَاضِلِ ‏(‏أَوْ‏)‏ تَصَدَّقَ ‏(‏بِلَحْمٍ يَشْتَرِي بِهِ كَ‏)‏ مَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِ ‏(‏أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ‏)‏ أَيْ الْمُعَيَّنِ مِنْ هَدْيٍ أَوْ أُضْحِيَّةٍ‏.‏

بِأَنْ فَقَأَ عَيْنَهَا أَوْ نَحْوَهَا ‏(‏وَإِنْ عَطِبَ بِطَرِيقٍ هَدْيٌ وَاجِبٌ، أَوْ‏)‏ هَدْيُ ‏(‏تَطَوُّعٍ بِنِيَّةٍ دَامَتْ‏)‏ أَيْ اسْتَمَرَّتْ، أَوْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ صُحْبَةُ الرِّفَاقِ ‏(‏ذَبَحَهُ مَوْضِعَهُ‏)‏ وُجُوبًا؛ لِئَلَّا يَفُوتَ‏.‏

فَإِنْ تَرَكَهُ فَمَاتَ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ يُوَصِّلُهَا إلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إيصَالُهَا لَهُمْ، بِخِلَافِ مَا عَطِبَ‏.‏

قَالَهُ فِي شَرْحِهِ‏.‏

قُلْت‏:‏ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ‏:‏ يَشْتَرِي بِهَا بَدَلَهُ وَإِنْ فَسَخَ نِيَّةَ التَّطَوُّعِ قَبْلَ ذَبْحِهِ فَعَلَ بِهِ مَا شَاءَ ‏(‏وَسُنَّ غَمْسُ نَعْلِهِ‏)‏ أَيْ الْهَدْيِ الْعَاطِبِ الْمُقَلَّدِ بِهِ ‏(‏فِي دَمِهِ وَضَرْبُ صَفْحَتِهِ بِهَا‏)‏ أَيْ النَّعْلِ الْمَغْمُوسَةِ فِي دَمِهِ ‏(‏لِتَأْخُذَهُ الْفُقَرَاءُ‏.‏

وَحَرُمَ أَكْلُهُ وَ‏)‏ أَكْلُ ‏(‏خَاصَّتِهِ مِنْهُ‏)‏ أَيْ الْهَدْيِ الَّذِي عَطِبَ وَنَحْوِهِ‏.‏

لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏"‏ أَنَّ ذُؤَيْبًا أَبَا قَبِيصَةَ حَدَّثَهُ ‏{‏أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ، ثُمَّ يَقُولُ‏:‏ إنْ عَطِبَ شَيْءٌ مِنْهَا فَخَشِيتَ عَلَيْهِ فَانْحَرْهَا ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا‏.‏

وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِك‏}‏ رَوَاهُ مُسْلِمٌ‏.‏

وَفِي لَفْظٍ ‏{‏وَيَخْلِيَهَا وَالنَّاسَ، وَلَا يَأْكُلَ مِنْهَا هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ‏}‏ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَإِنَّمَا مُنِعَ السَّائِقُ وَرُفْقَتُهُ مِنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يُقَصِّرَ فِي الْحِفْظِ فَيَعْطَبَ لِيَأْكُلَ هُوَ وَرُفْقَتُهُ مِنْهُ‏.‏

فَلَحِقَتْهُ التُّهْمَةُ فِي عَطَبِهِ لِنَفْسِهِ وَرُفْقَتِهِ ‏(‏وَإِنْ تَلِفَ‏)‏ الْهَدْيُ ‏(‏أَوْ عَابَ بِفِعْلِهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ‏)‏ أَوْ أَكْلِهِ، أَوْ بَاعَهُ أَوْ أَطْعَمَهُ غَنِيًّا أَوْ رَفِيقًا لَهُ ‏(‏لَزِمَهُ بَدَلُهُ كَأُضْحِيَّةٍ‏)‏ يُوَصِّلُهُ إلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ‏.‏

وَإِنْ أَطْعَمَ مِنْهُ فَقِيرًا أَوْ أَمَرَهُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ‏.‏

لِأَنَّهُ أَوْصَلَهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ كَمَا لَوْ فَعَلَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَحِلَّهُ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يُتْلَفُ أَوْ يُعَابُ بِفِعْلِهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ ‏(‏أَجْزَأَ ذَبْحُ مَا تَعَيَّبَ مِنْ وَاجِبٍ بِالتَّعْيِينِ‏)‏ نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ جَرَّ بَقَرَةً بِقَرْنِهَا إلَى الْمَنْحَرِ فَانْقَلَعَ ‏(‏كَتَعَيُّنِهِ مَعِيبًا فَبَرِئَ‏)‏ مِنْ عَيْبِهِ‏.‏

لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ‏:‏‏:‏ ‏{‏ابْتَعْنَا كَبْشًا نُضَحِّي بِهِ، فَأَصَابَ الذِّئْبُ مِنْ أَلْيَتِهِ فَسَأَلْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنَا أَنْ نُضَحِّيَ بِهِ‏}‏ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ‏(‏وَإِنْ وَجَبَ‏)‏ مَا تَعَيَّبَ بِلَا فِعْلِهِ وَلَا تَفْرِيطِهِ ‏(‏قَبْلَ تَعَيُّنٍ كَفِدْيَةٍ‏)‏ مِنْ دَمِ تَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ أَوْ لِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مَحْظُورٍ ‏(‏وَ‏)‏ كَدَمٍ ‏(‏مَنْذُورٍ فِي الذِّمَّةِ‏)‏ إذَا عَيَّنَ مَا تَعَيَّنَ عَنْهُ مَا تَعَيَّنَ ‏(‏فَلَا‏)‏ يُجْزِئُهُ ذَبْحُهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ دَمٌ صَحِيحٌ، فَلَا يُجْزِي عَنْهُ مَعِيبٌ، وَلِأَنَّ الذِّمَّةَ لَمْ تَبْرَأْ مِنْ الْوَاجِبِ بِالتَّعْيِينِ عَنْهُ، كَالدَّيْنِ يَضْمَنُهُ ضَامِنٌ أَوْ يَرْهَنُ بِهِ رَهْنًا، وَيَحْصُلُ التَّعَيُّنُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِالْقَوْلِ ‏(‏وَعَلَيْهِ‏)‏ أَيْ مَنْ فِي ذِمَّتِهِ دَمٌ وَاجِبٌ ‏(‏نَظِيرُهُ‏)‏ أَيْ مَا تَعَيَّبَ ‏(‏وَلَوْ زَادَ‏)‏ الَّذِي عَيَّنَهُ ‏(‏عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ‏)‏ كَدَمِ تَمَتُّعٍ عَيَّنَ عَنْهُ بَقَرَةً مَثَلًا فَتَعَيَّبَتْ بِفِعْلِهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ، يَلْزَمُهُ بَقَرَةٌ نَظِيرُهَا لِوُجُوبِهَا بِالتَّعْيِينِ ‏(‏وَكَذَا لَوْ سُرِقَ‏)‏ الْمُعَيَّنُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ ‏(‏أَوْ ضَلَّ وَنَحْوَهُ‏)‏ كَمَا لَوْ غُصِبَ فَيَلْزَمُهُ نَظِيرُهُ، وَلَوْ زَادَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ‏.‏

قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ مَنْ سَاقَ هَدْيًا وَاجِبًا فَعَطِبَ أَوْ مَاتَ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ، وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ، وَإِنْ نَحَرَهُ جَازَ أَكْلُهُ مِنْهُ وَيُطْعَمُ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الْبَدَلُ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ ‏(‏وَلَيْسَ لَهُ‏)‏ أَيْ مَنْ نَحَرَ بَدَلَ مَا عَطِبَ أَوْ تَعَيَّبَ أَوْ سُرِقَ أَوْ ضَلَّ وَنَحْوَهُ ‏(‏اسْتِرْجَاعُ عَاطِبٍ وَمَعِيبٍ وَضَالٍّ وَمَسْرُوقٍ وُجِدَ وَنَحْوَهُ‏)‏ كَمَغْصُوبٍ قَدَرَ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ ‏{‏عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَهْدَتْ هَدْيَيْنِ فَأَضَلَّتْهُمَا فَبَعَثَ إلَيْهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ بِهَدْيَيْنِ فَنَحَرَتْهُمَا، ثُمَّ عَادَ الضَّالَّانِ فَنَحَرَتْهُمَا، وَقَالَتْ‏:‏ هَذِهِ سُنَّةُ الْهَدْيِ‏}‏ وَلِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ بِإِيجَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِذَبْحِ غَيْرِهِ وَبَدَلِهِ‏.‏

فَصْلٌ‏:‏ ‏[‏نذر الهدي‏]‏

وَيَجِبُ هَدْيٌ بِنَذْرٍ لِحَدِيثِ ‏{‏مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ‏}‏ وَلِأَنَّهُ نَذْرُ طَاعَةٍ، فَوَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ النُّذُورِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا ‏(‏وَمِنْهُ‏)‏ أَيْ النَّذْرِ ‏(‏إنْ لَبِسْت ثَوْبًا مِنْ غَزْلِك فَهُوَ هَدْيٌ‏.‏

فَلَبِسَهُ‏)‏ وَقَدْ مَلَكَهُ فَيَصِيرُ هَدْيًا وَاجِبًا يَلْزَمُهُ إيصَالُهُ إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ ‏(‏وَنَحْوَهُ‏)‏ مِنْ النُّذُورِ الْمُعَلَّقَةِ عَلَى شَرْطٍ إذَا وُجِدَ ‏(‏وَسُنَّ سَوْقُ حَيَوَانٍ‏)‏ أَهْدَاهُ ‏(‏مِنْ الْحِلِّ‏)‏ لِسَوْقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ الْبُدْنَ‏.‏

وَكَانَ يَبْعَثُ هَدْيَهُ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ سُنَّ ‏(‏أَنْ يَقِفَهُ‏)‏ أَيْ الْهَدْيُ ‏(‏بِعَرَفَةَ‏)‏ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَرَى هَدْيًا إلَّا مَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَلَنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْهَدْيِ نَحْرُهُ وَنَفْعُ الْمَسَاكِينِ بِلَحْمِهِ‏.‏

وَهَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ وَلَمْ يَرِدْ بِإِيجَابِهِ دَلِيلٌ ‏(‏وَ‏)‏ سُنَّ ‏(‏إشْعَارُ بُدْنٍ‏)‏ بِضَمِّ الْبَاءِ جَمْعُ بَدَنَةٍ ‏(‏وَ‏)‏ إشْعَارُ ‏(‏بَقَرٍ‏:‏ بِشَقِّ صَفْحَتِهِ الْيُمْنَى مِنْ سَنَامٍ‏)‏ بِفَتْحِ السِّينِ ‏(‏أَوْ‏)‏ شَقِّ ‏(‏مَحَلِّهِ‏)‏ أَيْ السَّنَامِ مِمَّا لَا سَنَامَ لَهُ مِنْ بَقَرٍ أَوْ إبِلٍ ‏(‏حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ وَ‏)‏ سُنَّ ‏(‏تَقْلِيدُهُمَا‏)‏ أَيْ الْبُدْنِ وَالْبَقَرِ ‏(‏مَعَ‏)‏ أَيْ وَتَقْلِيدُ ‏(‏غَنَمِ النَّعْلِ وَآذَانِ الْقِرَبِ وَالْعُرَى‏)‏ بِضَمِّ الْعَيْنِ جَمْعُ عُرْوَةٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ ‏{‏فَتَلْت قَلَائِدَ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ‏.‏

وَفَعَلَهُ الصَّحَابَةُ أَيْضًا؛ وَلِأَنَّهُ إيلَامٌ لِغَرَضٍ صَحِيح فَجَازَ‏.‏

كَالْكَيِّ وَالْوَسْمِ وَالْحِجَامَةِ‏.‏

وَفَائِدَتُهُ‏:‏ تَوَقِّي نَحْوَ لِصٍّ لَهَا، وَعَدَمُ اخْتِلَاطِهَا بِغَيْرِهَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ بِالْمِيقَاتِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا بِهَا‏.‏

لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا ‏{‏صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ دَعَا بِبُدْنِهِ فَأَشْعَرَهَا مِنْ صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ، وَسَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا بِيَدِهِ‏}‏ رَوَاهُ مُسْلِمٌ‏.‏

وَإِنْ بَعَثَ بِهَا فَمِنْ بَلَدِهِ‏.‏

وَأَمَّا الْغَنَمُ فَلَا شَعْرَ لِأَنَّهَا ضَعِيفَةٌ وَصُوفُهَا وَشَعْرُهَا يَسْتُرُهُ‏.‏

وَأَمَّا تَقْلِيدُهَا فَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ ‏{‏كُنْت أَفْتِلُ قَلَائِدَ الْغَنَمِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏}‏ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ‏(‏وَإِنْ نَذَرَ هَدْيًا وَأَطْلَقَ‏)‏ بِأَنْ قَالَ‏:‏ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِلَفْظِهِ وَلَا نِيَّتِهِ ‏(‏فَأَقَلُّ مُجْزِئٌ‏)‏ عَنْ ناوه ‏(‏شَاةٌ‏)‏ جَذَعُ ضَأْنٍ أَوْ ثَنِيُّ مَعْزٍ ‏(‏أَوْ سُبْعٌ مِنْ بَدَنَةٍ، أَوْ‏)‏ سُبْعٌ مِنْ ‏(‏بَقَرَةٍ‏)‏ لِحَمْلِ الْمُطْلَقِ فِي النَّذْرِ عَلَى الْمَعْهُودِ الشَّرْعِيِّ ‏(‏وَإِنْ ذَبَحَ إحْدَاهُمَا‏)‏ أَيْ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً ‏(‏عَنْهُ‏)‏ أَيْ عَنْ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ ‏(‏كَانَتْ‏)‏ الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ ‏(‏كُلُّهَا وَاجِبَةً‏)‏ لِتَعَيُّنِهَا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ‏.‏

يَذْبَحُهَا عَنْهُ‏.‏

‏(‏وَإِنْ نَذَرَ بَدَنَةً أَجْزَأَتْهُ بَقَرَةٌ إنْ أَطْلَقَ‏)‏ الْبَدَنَةَ‏.‏

كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يُطْلِقْ الْبَدَنَةَ بِأَنْ نَوَى مُعَيَّنَةً ‏(‏لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ‏)‏ كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ ‏(‏بِلَفْظِهِ وَ‏)‏ إنْ نَذَرَ ‏(‏مُعَيَّنًا أَجْزَأَهُ‏)‏ مَا عَيَّنَهُ ‏(‏وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَعِيبًا أَوْ غَيْرَ حَيَوَانٍ‏)‏ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ ‏(‏وَعَلَيْهِ‏)‏ أَيْ النَّاذِرِ ‏(‏إيصَالُهُ‏)‏ إنْ كَانَ مِمَّا يُنْقَلُ ‏(‏أَوْ‏)‏ إيصَالُ ‏(‏ثَمَنِ غَيْرِ مَنْقُولٍ كَعَقَارٍ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ‏)‏ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ‏}‏ وَلِأَنَّ النَّذْرَ يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا‏.‏

وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ امْرَأَةٍ نَذَرَتْ أَنْ تُهْدِي دَارًا‏.‏

قَالَ‏:‏ ‏"‏ تَبِيعُهَا وَتَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ ‏"‏ ‏(‏وَكَذَا إنْ نَذَرَ سَوْقَ أُضْحِيَّةٍ إلَى مَكَّةَ‏.‏

أَوْ قَالَ‏:‏ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ بِهَا‏)‏ فَيَلْزَمُهُ لِلْخَبَرِ ‏(‏وَإِنْ عَيَّنَ‏)‏ بِنَذْرِهِ ‏(‏شَيْئًا لِ‏)‏ مَوْضِعٍ ‏(‏غَيْرِ الْحَرَمِ وَلَا مَعْصِيَةَ فِيهِ‏)‏ أَيْ النَّذْرِ لِذَلِكَ الْمَكَانِ ‏(‏تَعَيَّنَ ذَبْحًا وَتَفْرِيقًا لِفُقَرَائِهِ‏)‏ أَيْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ‏.‏

لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد ‏{‏أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ إنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَذْبَحَ بِالْأَبْوَاءِ قَالَ‏:‏ أَبِهَا صَنَمٌ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لَا‏.‏

قَالَ‏:‏ أَوْفِ بِنَذْرِك‏}‏ وَلِأَنَّهُ قَصَدَ نَفْعَ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَكَانَ عَلَيْهِ إيصَالُهُ إلَيْهِمْ‏.‏

فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْصِيَةٌ كَصَنَمٍ وَنَحْوِهِ مِنْ أُمُورِ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، كَبُيُوتِ نَارٍ وَكَنَائِسَ لَمْ يُوفِ بِهِ ‏(‏وَسُنَّ أَكْلُهُ وَتَفْرِقَتُهُ‏)‏ أَيْ الْمُهْدَى ‏(‏مِنْ هَدْيِ تَطَوُّعٍ‏)‏ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَكُلُوا مِنْهَا‏}‏ وَأَقَلُّ أَحْوَالِ الْأَمْرِ‏:‏ الِاسْتِحْبَابُ‏.‏

وَقَالَ جَابِرٌ‏:‏ ‏{‏كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثٍ‏.‏

فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ كُلُوا وَتَزَوَّدُوا، فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا‏}‏ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالْمُسْتَحَبُّ أَكْلُ الْيَسِيرِ‏.‏

لِحَدِيثِ جَابِرٍ‏:‏ ‏{‏أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبِضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَأَكَلْنَا مِنْهَا وَحُسَيْنًا مِنْ مَرَقِهَا‏}‏ وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ، فَاسْتُحِبَّ الْأَكْلُ مِنْهُ ‏(‏كَأُضْحِيَّةٍ‏)‏ وَتُجْزِئُهُ الصَّدَقَةُ بِالْيَسِيرِ مِنْهُ ‏(‏وَلَا يَأْكُلُ مِنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ، وَلَوْ‏)‏ كَانَ إيجَابُهُ ‏(‏بِنَذْرٍ أَوْ تَعْيِينِ غَيْرِ دَمِ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ‏)‏ نَصًّا لِأَنَّ سَبَبَهُمَا غَيْرُ مَحْظُورٍ، فَأَشْبَهَهَا هَدْيُ التَّطَوُّعِ‏.‏

وَلِأَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعْنَ مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْوَادِعِ وَأَدْخَلَتْ عَائِشَةُ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ‏.‏

فَصَارَتْ قَارِنَةً‏.‏

ثُمَّ ذَبَحَ عَنْهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَقَرَ فَأَكَلْنَ مِنْ لُحُومِهَا‏.‏

احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ‏.‏

فَصْلُ‏:‏ ‏[‏الأضحية‏]‏

التَّضْحِيَّةُ بِفَتْحِ التَّاءِ‏:‏ أَيْ ذَبْحُ الْأُضْحِيَّةَ أَيَّامَ النَّحْرِ ‏(‏سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ‏)‏ وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا مَعَ الْقُدْرَةِ‏.‏

نَصَّ عَلَيْهِ ‏(‏عَنْ مُسْلِمٍ تَامِّ الْمِلْكِ‏)‏ وَهُوَ الْحُرُّ وَالْمُبَعَّضُ فِيمَا مَلَكَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ ‏(‏أَوْ مُكَاتَبٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ‏)‏ لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا ‏{‏ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ، وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ‏:‏ الْوِتْرُ، وَالنَّحْرُ، وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ‏}‏‏.‏

وَلِحَدِيثِ ‏{‏مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَدَخَلَ الْعَشْرُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا بَشَرَتِهِ شَيْئًا‏}‏ رَوَاهُ مُسْلِمٌ‏.‏

فَعَلَّقَهُ عَلَى الْإِرَادَةِ؛ وَالْوَاجِبُ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهَا‏.‏

وَكَالْعَقِيقَةِ وَمَا اُسْتُدِلَّ بِهِ لِلْوُجُوبِ ضَعَّفَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ‏.‏

ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى تَأَكُّدِ الِاسْتِحْبَابِ‏.‏

كَحَدِيثِ ‏{‏غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ‏}‏ وَحَدِيثُ ‏{‏مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا‏}‏ ‏(‏وَ‏)‏ التَّضْحِيَةُ ‏(‏عَنْ مَيِّتٍ أَفْضَلُ‏)‏ مِنْهَا عَنْ حَيٍّ‏.‏

قَالَهُ فِي شَرْحِهِ لِعَجْزِهِ وَاحْتِيَاجِهِ لِلثَّوَابِ ‏(‏وَيُعْمَلُ بِهَا‏)‏ أَيْ الْأُضْحِيَّةَ عَنْ مَيِّتٍ ‏(‏كَ‏)‏ أُضْحِيَّةٍ ‏(‏عَنْ حَيٍّ‏)‏ مِنْ أَكْلٍ وَصَدَقَةٍ وَهَدِيَّةٍ ‏(‏وَتَجِبُ‏)‏ التَّضْحِيَةُ ‏(‏بِنَذْرٍ‏)‏ لِحَدِيثِ ‏{‏مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ‏}‏ وَكَالْهَدْيِ ‏(‏وَكَانَتْ‏)‏ التَّضْحِيَةُ ‏(‏وَاجِبَةً عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏)‏ كَالْوِتْرِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ لِلْخَبَرِ ‏(‏وَذَبْحُهَا‏)‏ أَيْ الْأُضْحِيَّةَ ‏(‏وَ‏)‏ ذَبْحُ ‏(‏عَقِيقَةٍ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةٍ بِثَمَنِهَا‏)‏ نَصًّا وَكَذَا هَدْيٌ‏.‏

لِحَدِيثِ ‏{‏مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إلَى اللَّهِ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ‏.‏

وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا‏.‏

وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ‏.‏

فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا‏}‏ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَقَدْ ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْدَى الْهَدَايَا وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ؛ وَلَوْ أَنَّ الصَّدَقَةَ بِالثَّمَنِ أَفْضَلُ لَمْ يَعْدِلُوا عَنْهُ ‏(‏وَسُنَّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا‏)‏ أَيْ الْأُضْحِيَّةَ ‏(‏وَيُهْدِيَ وَيَتَصَدَّقُ أَثْلَاثًا‏)‏ أَيْ يَأْكُلُ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ الثُّلُثَ‏.‏

وَيُهْدِي الثُّلُثَ، وَيَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثِ ‏(‏حَتَّى مِنْ‏)‏ أُضْحِيَّةٍ ‏(‏وَاجِبَةٍ‏)‏ ‏(‏وَ‏)‏ حَتَّى الْإِهْدَاءُ ‏(‏لِكَافِرٍ مِنْ‏)‏ أُضْحِيَّةِ ‏(‏تَطَوُّعٍ‏)‏‏.‏

قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ نَحْنُ نَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ ‏"‏ يَأْكُلُ هُوَ الثُّلُثَ‏.‏

وَيُطْعِمُ مَنْ أَرَادَ الثُّلُثَ، وَيَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثِ عَلَى الْمَسَاكِينِ ‏"‏ قَالَ عَلْقَمَةُ ‏"‏ بَعَثَ مَعِي عَبْدُ اللَّهِ بِهَدِيَّةٍ فَأَمَرَنِي أَنْ آكُلَ ثُلُثًا، وَأَنْ أُرْسِلَ إلَى أَهْلِ أَخِيهِ بِثُلُثٍ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِثُلُثٍ ‏"‏ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ‏.‏

وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ‏}‏ وَالْقَانِعُ‏:‏ السَّائِلُ‏.‏

وَالْمُعْتَرُّ الَّذِي يَعْتَرِيكَ أَيْ يَتَعَرَّضُ لَك لِتَطْعَمَهُ‏.‏

وَلَا يَسْأَلُ‏.‏

فَذَكَرَ ثَلَاثَةً فَيَنْبَغِي أَنْ تُقَسَّمَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا‏.‏

وَلَا يَجِبُ الْأَكْلُ مِنْهَا‏.‏

لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏{‏نَحَرَ خَمْسَ بَدَنَاتٍ وَقَالَ مَنْ شَاءَ فَلْيَقْتَطِعْ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُنَّ شَيْئًا‏}‏ وَعُلِمَ مِنْهُ‏:‏ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْهَدِيَّةُ مِنْ وَاجِبَةٍ لِكَافِرٍ، كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ، بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ ‏(‏لَا مِنْ مَالِ يَتِيمٍ وَمُكَاتَبٍ فِي إهْدَاءٍ وَصَدَقَةٍ‏)‏ أَيْ إذَا ضَحَّى وَلِيِّ الْيَتِيمِ عَنْهُ لَا يُهْدِي مِنْهَا وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ مِنْ مَالِهِ‏.‏

وَكَذَا مُكَاتَبٌ ضَحَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِمَا ذُكِرَ‏.‏

وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إذْنِ سَيِّدِهِ فِي التَّضْحِيَةِ إذْنُهُ فِي التَّبَرُّعِ ‏(‏وَيَجُوزُ قَوْلُ مُضَحٍّ‏)‏ ذَبَحَ أُضْحِيَّةً ‏(‏مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ‏)‏ لِلْخَبَرِ ‏(‏وَ‏)‏ يَجُوزُ ‏(‏أَكْلُ‏)‏ مُضَحٍّ ‏(‏أَكْثَرَ‏)‏ أُضْحِيَّتِهِ لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ بِالْأَكْلِ وَالْإِطْعَامِ‏.‏

وَ ‏(‏لَا‏)‏ يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَهَا ‏(‏كُلَّهَا‏)‏ لِلْأَمْرِ بِالْإِطْعَامِ مِنْهَا ‏(‏وَيَضْمَنُ‏)‏ إنْ أَكَلَهَا كُلَّهَا ‏(‏أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ‏)‏ أَيْ اسْمُ اللَّحْمِ‏.‏

قَالَ فِي الْمُبْدِعِ‏:‏ وَهُوَ الْأُوقِيَّةُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا‏.‏

لِأَنَّهُ حَقٌّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ مَعَ بَقَائِهِ‏.‏

فَلَزِمَتْهُ غَرَامَتُهُ إذَا أَتْلَفَهُ كَالْوَدِيعَةِ‏.‏

بِخِلَافِ مَا أُبِيحَ لَهُ أَكْلُهُ ‏(‏وَمَا مَلَكَ‏)‏ مُضَحٍّ أَوْ مُهْدٍ ‏(‏أَكَلَهُ‏)‏ كَأَكْثَرَهَا ‏(‏فَلَهُ هَدِيَّتُهُ‏)‏ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى أَكْلِهِ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَمْلِكْ أَكْلَهُ كَالْكُلِّ إذَا أَهْدَاهُ ‏(‏ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا كَبَيْعِهِ وَإِتْلَافِهِ‏)‏ أَيْ كَمَا لَوْ بَاعَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ ‏(‏وَيَضْمَنُهُ‏)‏ أَيْ الْهَدْيَ وَالْأُضْحِيَّةَ ‏(‏أَجْنَبِيٌّ‏)‏ أَتْلَفَهُ ‏(‏بِقِيمَتِهِ‏)‏ كَسَائِرِ الْمُتَقَوَّمَاتِ وَأَمَّا اللَّحْمُ بَعْدَ الذَّبْحِ فَيَنْبَغِي ضَمَانُهُ بِالْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ ‏(‏وَإِنْ مَنَعَ الْفُقَرَاءَ مِنْهُ‏)‏ أَيْ مِمَّا لَا يَمْلِكُ أَكْلَهُ ‏(‏حَتَّى أَنْتَنَ ضَمِنَ نَقْصَهُ إنْ انْتَفَعَ بِهِ‏)‏ إذَنْ‏.‏

فَيَغْرَمُ أَرْشَهُ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَنْتَفِعْ بِهِ ‏(‏فَ‏)‏ إنَّهُ يَضْمَنُ ‏(‏قِيمَتَهُ‏)‏ كَإِعْدَامِهِ‏.‏

قَالَ فِي الْإِنْصَافِ‏.‏

وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَضْمَنَ بِمِثْلِهِ ‏(‏وَنُسِخَ تَحْرِيمُ الِادِّخَارِ‏)‏ لِلُحُومِ الْأَضَاحِيِّ لِحَدِيثِ ‏{‏كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ‏}‏ رَوَاهُ مُسْلِمٌ‏.‏

وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا ‏{‏إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ لِلدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ فَكُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا‏}‏ وَالدَّافَةُ‏:‏ الْقَوْمُ مِنْ الْأَعْرَابِ يُرِيدُونَ الْمِصْرَ‏.‏

وَلَمْ يُجِزْهُ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَبْلُغْهُمَا الرُّخْصَةُ فِيهِ ‏(‏وَمَنْ فَرَّقَ نَذْرًا‏)‏ مِنْ أُضْحِيَّةٍ أَوْ هَدْيٍ ‏(‏بِلَا إذْنٍ لَمْ يَضْمَنْ‏)‏ شَيْئًا لِوُصُولِ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّيهِ‏.‏

وَلَا مَانِعَ مِنْ الْإِجْزَاءِ‏.‏

فَلَا مُوجِبَ لِلضَّمَانِ‏.‏

وَكَذَا تَفَرُّقُهُ هَدْيٌ وَاجِبٌ بِغَيْرِ نَذْرٍ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ ‏(‏وَيُعْتَبَرُ تَمْلِيكُ فَقِيرٍ‏)‏ لِشَيْءٍ مِنْ اللَّحْمِ نَيِّءٌ ‏(‏فَلَا يَكْفِي إطْعَامُهُ‏)‏ كَالْوَاجِبِ فِي كَفَّارَةٍ ‏(‏وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِهَا‏)‏ أَيْ الذَّبِيحَةِ مِنْ هَدْيٍ أَوْ أُضْحِيَّةٍ ‏(‏قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ‏)‏ فِي تَفْرِقَتِهَا‏.‏

وَكَذَا فِي أَكْلٍ وَهَدِيَّةٍ حَيْثُ جَازَ‏.‏

وَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ ‏(‏وَيَفْعَلُ‏)‏ مَالِكٌ ‏(‏مَا شَاءَ‏)‏ مِنْ أَكْلٍ وَبَيْعٍ وَهِبَةٍ ‏(‏بِمَا ذَبَحَ قَبْلَ وَقْتِهِ‏)‏ لِأَنَّهُ لَحْمٌ لَمْ يَقَعْ فِي مَحَلِّهِ‏.‏

وَعَلَيْهِ بَدَلٌ وَاجِبٌ ‏(‏وَإِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ‏)‏ أَيْ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ ‏(‏حَرُمَ عَلَى مَنْ يُضَحِّي أَوْ يُضَحَّى عَنْهُ أَخْذُ شَيْء مِنْ شَعْرِهِ أَوْ ظُفْرِهِ أَوْ بَشَرَتِهِ إلَى الذَّبْحِ‏)‏ أَيْ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةَ‏.‏

لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا ‏{‏إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ‏}‏‏.‏

وَفِي رِوَايَةٍ ‏"‏ وَلَا مِنْ بَشَرَتِهِ ‏"‏ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ ‏{‏كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يُقَلِّدُهَا بِيَدِهِ ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ‏.‏

فَهُوَ فِي الْهَدْيِ لَا فِي الْأُضْحِيَّةَ، عَلَى أَنَّهُ عَامٌّ وَمَا قَبْلَهُ خَاصٌّ‏.‏

وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى نَحْوِ اللِّبَاسِ وَالطِّيبِ وَالْجِمَاعِ‏.‏

فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهُ وَلَا فِدْيَةَ، عَمْدًا فَعَلَهُ أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا‏.‏

قَالَ ‏(‏الْمُنَقِّحُ‏:‏ وَلَوْ ضَحَّى بِوَاحِدَةٍ لِمَنْ يُضَحِّي بِأَكْثَرَ‏)‏ مِنْهَا، فَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ‏.‏

لِعُمُومِ حَتَّى يُضَحِّيَ ‏(‏وَسُنَّ حَلْقٌ بَعْدَهُ‏)‏ أَيْ الذَّبْحِ‏.‏

قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ عَلَى مَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ، تَعْظِيمًا لِذَلِكَ الْيَوْمِ‏.‏

فَصْلٌ‏:‏ ‏[‏العقيقة‏]‏

وَالْعَقِيقَةُ الذَّبِيحَةُ عَنْ الْمَوْلُودِ لِأَنَّ أَصْلَ الْعَقِّ‏:‏ الْقَطْعُ وَمِنْهُ عَقَّ وَالِدَيْهِ إذَا قَطَعَهُمَا‏.‏

وَالذَّبْحُ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ‏.‏

وَهِيَ ‏(‏سُنَّةٌ‏)‏ مُؤَكَّدَةٌ قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ الْعَقِيقَةُ سُنَّةٌ عَنْ ‏{‏النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ‏}‏ وَفَعَلَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏{‏الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ‏}‏ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ ‏(‏فِي حَقِّ أَبٍ‏)‏ لَا غَيْرِهِ ‏(‏وَلَوْ‏)‏ كَانَ ‏(‏مُعْسِرًا وَيَقْتَرِضُ‏)‏ قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَعُقُّ فَاسْتَقْرَضَ رَجَوْتُ أَنَّهُ يَخْلُفُ اللَّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْيَا سُنَّةً‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ سُنَّ ‏(‏عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ سِنًّا وَشَبَهًا فَإِنْ عَدِمَ الشَّاتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ‏)‏ لِحَدِيثِ أُمِّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ‏{‏عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ‏}‏‏.‏

‏(‏وَلَا تُجْزِئُ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ‏)‏ ‏"‏ تُذْبَحُ عَقِيقَةً ‏(‏إلَّا كَامِلَةً‏)‏ نَصًّا‏.‏

قَالَ فِي النِّهَايَةِ‏:‏ وَأَفْضَلُهُ شَاةٌ ‏(‏تُذْبَحُ فِي سَابِعِهِ‏)‏ أَيْ الْمَوْلُودِ مِنْ مِيلَادِهِ بِنِيَّةِ الْعَقِيقَةِ‏.‏

قَالَ فِي الْإِنْصَافِ‏:‏ ذَبْحُهَا يَوْمَ السَّابِعِ أَفْضَلُ‏.‏

وَيَجُوزُ ذَبْحُهَا قَبْلَ ذَلِكَ‏.‏

وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ ‏(‏وَيُحْلَقُ فِيهِ رَأْسُ‏)‏ مَوْلُودٍ ‏(‏ذَكَرٍ وَيُتَصَدَّقُ بِوَزْنِهِ وَرِقًا‏)‏ لِحَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ مَرْفُوعًا ‏{‏كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُسَمَّى وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ‏}‏ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَأَبُو دَاوُد‏.‏

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ‏.‏

قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ‏.‏

‏{‏وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ لَمَّا وَلَدَتْ الْحَسَنَ احْلِقِي رَأْسَهُ وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِ شَعْرِهِ فِضَّةً عَلَى الْمَسَاكِينِ وَالْأَوْفَاضِ‏}‏ يَعْنِي أَهْلَ الصُّفَّةِ‏.‏

رَوَاهُ أَحْمَدُ ‏(‏وَكُرِهَ لَطْخُهُ‏)‏ أَيْ الْمَوْلُودِ ‏(‏مِنْ دَمِهَا‏)‏ أَيْ الْعَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ أَذًى وَتَنْجِيسٌ‏.‏

وَأَمَّا مَا فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ‏"‏ وَيُدْمِي ‏"‏ رَوَاهُ هَمَّامٌ فَقَالَ أَبُو دَاوُد ‏"‏ وَيُسَمَّى ‏"‏ أَيْ مَكَانَ ‏"‏ يُدْمَى ‏"‏ قَالَ‏:‏ وَوَهِمَ هَمَّامٌ فَقَالَ ‏"‏ وَيُدْمِي ‏"‏ وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ وَمَا أَرَاهُ إلَّا خَطَأً ‏(‏وَ‏)‏ يُسَنُّ ‏(‏أَنْ يُسَمَّى فِيهِ‏)‏ أَيْ السَّابِعِ مَوْلُودٌ‏:‏ لِلْخَبَرِ‏.‏

وَفِي الرِّعَايَةِ‏:‏ يُسَمَّى يَوْمَ الْوِلَادَةِ وَيُحَسَّنُ اسْمُهُ‏.‏

لِحَدِيثِ ‏{‏إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ‏}‏ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد‏.‏

وَالتَّسْمِيَةُ حَقٌّ لِلْأَبِ ‏(‏حَرُمَ أَنْ يُسَمَّى بِعَبْدٍ لِغَيْرِ اللَّهِ كَعَبْدِ الْكَعْبَةِ‏)‏ وَعَبْدِ النَّبِيِّ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ حَرُمَ أَنْ يُسَمَّى ‏(‏بِمَا يُوَازِي أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى‏)‏ كَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ ‏(‏وَبِمَا لَا يَلِيقُ إلَّا بِهِ تَعَالَى‏)‏ كَمَلِكِ الْمُلُوكِ أَوْ مَلِكِ الْأَمْلَاكِ وَشَاهِنْشَاه‏.‏

لِحَدِيثِ أَحْمَدَ ‏{‏اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ لَا مَلِكَ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى‏}‏ وَعَلَى قِيَاسِهِ الْقُدُّوسُ، وَالْبَرُّ، وَالْخَالِقُ ‏(‏وَكُرِهَ‏)‏ أَنْ يُسَمَّى ‏(‏بِحَرْبٍ وَيَسَارٍ وَنَحْوِهِمَا‏)‏ كَرَبَاحٍ وَنَجِيحٍ، لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ طَرِيقًا إلَى التَّشَاؤُمِ‏.‏

و‏(‏لَا‏)‏ تُكْرَهُ التَّسْمِيَةُ ‏(‏بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ‏)‏ وَعَنْ مَالِكٍ سَمِعْت أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُونَ‏:‏ مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ فِيهِمْ اسْمُ مُحَمَّدٍ إلَّا رُزِقُوا وَرُزِقَ خَيْرًا وَفِي التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافٌ‏.‏

‏(‏وَأَحَبُّهَا‏)‏ أَيْ الْأَسْمَاءِ ‏(‏عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ‏)‏ لِلْخَبَرِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيُسَنُّ تَغْيِيرُ اسْمٍ قَبِيحٍ‏.‏

قَالَ أَبُو دَاوُد ‏{‏وَغَيَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَ الْعَاصِ، وَعَزِيزٍ وَعُقْدَةَ، وَشَيْطَانٍ، وَالْحَكَمِ، وَغُرَابٍ، وَخَبَّابٌ وَهِشَامٍ فَسَمَّاهُ هَاشِمًا وَسَمَّى حَرْبًا سِلْمًا وَسَمَّى الْمُضْطَجِعَ الْمُنْبَعِثَ وَأَرْضًا عُفْرَةً سَمَّاهَا خَضِرَةَ وَشِعْبَ الضَّلَالَةِ سَمَّاهُ شِعْبَ الْهُدَى وَبَنِي الزِّنْيَةِ بَنِي الرَّشْدَةِ وَسَمَّى بَنِي مُغْوِيَةَ بَنِي مُرْشِدَةَ‏}‏ قَالَ وَتَرَكْت أَسَانِيدَهَا لِلِاخْتِصَارِ وَإِذَا فَاتَ‏)‏ الذَّبْحُ فِي سَابِعَةٍ ‏(‏فَفِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ‏.‏

فَإِنَّ فَاتَ‏)‏ الذَّبْحُ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ ‏(‏فَفِي أَحَدٍ وَعِشْرِينَ‏)‏ مِنْ وِلَادَتِهِ‏.‏

رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ‏(‏وَلَا تُعْتَبَرُ الْأَسَابِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ‏)‏ فَيَعُقُّ أَيْ يَوْمَ أَرَادَ كَقَضَاءِ أُضْحِيَّةٍ وَغَيْرِهَا ‏(‏وَيَنْزَعُهَا أَعْضَاءً‏)‏ نَدْبًا ‏(‏وَلَا يُكَسِّرُ عَظْمَهُمَا‏)‏ لِقَوْلِ عَائِشَةَ ‏"‏ السُّنَّةُ شَاتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ عَنْ الْغُلَامِ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ، تُطْبَخُ جَدَلًا، لَا يُكْسَرُ لَهَا عَظْمٌ، أَيْ عُضْوًا وَهُوَ الْجَدْلُ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ‏.‏

وَالْإِرْبُ وَالشِّلْوُ وَالْعُضْوُ وَالْوَصْلُ‏.‏

كُلُّهُ وَاحِدٌ‏.‏

وَذَلِكَ لِلتَّفَاؤُلِ بِالسَّلَامَةِ‏.‏

كَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏(‏وَطَبْخُهَا أَفْضَلُ‏)‏ نَصًّا لِلْخَبَرِ ‏(‏وَيَكُونُ مِنْهُ‏)‏ أَيْ الطَّبِيخِ شَيْءٍ ‏(‏بِحُلْوٍ‏)‏ تَفَاؤُلًا بِحَلَاوَةِ أَخْلَاقِهِ‏.‏

وَفِي التَّنْبِيهِ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُعْطَى الْقَابِلَةُ فَخِذًا أَيْ مِنْ الْعَقِيقَةِ ‏(‏وَحُكْمُهَا‏)‏ أَيْ الْعَقِيقَةِ ‏(‏كَأُضْحِيَّةٍ‏)‏ فَلَا يُجْزِئُ فِيهَا إلَّا مَا يُجْزِئُ فِي أُضْحِيَّةٍ‏.‏

وَكَذَا فِيمَا يُسْتَحَبُّ وَيُكْرَهُ، وَفِي أَكْلٍ وَهَدْيٍ وَصَدَقَةٍ‏.‏

لِأَنَّهَا نَسِيكَةٌ مَشْرُوعَةٌ‏.‏

أَشْبَهَتْ الْأُضْحِيَّةَ ‏(‏لَكِنْ يُبَاعُ جِلْدٌ وَرَأْسٌ وَسَوَاقِطُ‏)‏ مِنْ عَقِيقَةٍ ‏(‏وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ‏)‏ بِخِلَافِ أُضْحِيَّةٍ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِسُرُورٍ حَادِثٍ‏.‏

أَشْبَهَتْ الْوَلِيمَةَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ اتَّفَقَ وَقْتُ عَقِيقَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ‏)‏ بِأَنْ يَكُونَ السَّابِعُ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ ‏(‏فَعَقَّ‏)‏ أَجْزَأَ عَنْ أُضْحِيَّةٍ ‏(‏أَوْ ضَحَّى أَجْزَأَ عَنْ الْأُخْرَى‏)‏ كَمَا لَوْ اتَّفَقَ يَوْمُ عِيدٍ وَجُمُعَةٍ فَاغْتَسَلَ لِأَحَدِهِمَا‏.‏

وَكَذَا ذَبْحُ مُتَمَتِّعٍ أَوْ قَارِنٍ شَاةً يَوْمَ النَّحْرِ، فَتُجْزِئُ عَنْ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَعَنْ الْأُضْحِيَّةَ ‏(‏وَلَا تُسَنُّ فَرَعَةٌ‏)‏ وَتُسَمَّى الْفَرَعَ بِفَتْحِ الرَّاءِ فِيهِمَا وَهِيَ ‏(‏نَحْوُ أَوَّلِ وَلَدِ النَّاقَةِ‏.‏

وَلَا‏)‏ تُسَنُّ ‏(‏الْعَتِيرَةُ وَهِيَ ذَبِيحَةُ رَجَبٍ‏)‏ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ‏{‏لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ فِي الْإِسْلَامِ‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ‏(‏وَلَا يُكْرَهَانِ‏)‏ أَيْ الْفَرَعَةُ وَالْعَتِيرَةُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَبَرِ نَفْيُ كَوْنِهِمَا سُنَّةً لَا لِنَهْيٍ عَنْهُمَا‏.‏